إذا صح خبر إلغاء معرض الكتاب الدولي بالجزائر لهذا العام بسبب الوباء المشؤوم.. هل سنشهد ميلاد جيف بيزوس الجزائري، وانطلاق منصة إلكترونية للكتب على منوال Amazon في بداياتها؟ هي فرصة استثمارية قوية، في سوق جزائرية كبيرة، في ظل حاجة ملحّة للكتاب.

بهذه المقدمة كنت قد كتبت في صفحتي على فيسبوك ما جال في خاطري بعدما قرأت نبأ إلغاء معرض الكتاب لهذا العام، وقد جاءت التعليقات متأسفة ومحللة للوضع سواء ما تعلق بالكتاب، أو التجارة الإلكترونية في الجزائر عموما، وهو واقع جديد لازال رهين ممارسات قديمة، وذهنية كلاسيكية ترى للأمر من زاية متحفظة نوعا ما.

من قراءتي للتعليقات أو ما جاء عن طريق الخاص تظهر التجربة والخبرة في التجارة الإلكترونية خصوصا، وكذا ريادة الأعمال الحديثة عموما، بين من يرى استحالة الفكرة وتعقيدها، وبين من يبسط المسألة ويرجع الأمر كله للحكومة وما تسنه الدولة من قوانين ميسرة لإطلاق مشاريع رقمية إبداعية، فأمازون انطلقت في أمريكا وليس الجزائر حسب بعضهم، وبالتالي فلا يمكن المقارنة بينهما بأي حال من الأحوال.

عندما ذكرت جيف بيزوس في المنشور، كنت أعني ذلك بكل ما تحمله شخصية الرجل من نظرة خاصة، باعتبار أنه واحد من بين الملايين الذين يسكنون أمريكا، فلماذا هو فقط -وأمثاله النادرون- قد ركب التحديات وتدرج في مشروعه عندما أطلقه قبل حوالي 26 عام، فأمازون التي نراها اليوم ليست نفسها عندما بدأ صاحبها مشروعه المتعثر في مرآب صغير، وسواء اتفقنا أو اختلفنا، فالبيئة لها دور ولكنها ليست كل شيء، ومن خاض التحدي واقتحم مغامرة مشروعه الخاص مستعدا لكل شيء سيجتاز العقبات مهما صعبت وطالت.

سوق الكتاب معقد جدا كما هو الحال مع أي منتج آخر، والعمل عليه بالأساليب القديمة لن يجدي نفعا، لكن عندما ننظر لذلك الإقبال الكبير، والأرقام المعتبرة ممن يزور معرض الكتاب سنويا وبشهادة دور النشر الأجنبية، سيجد أن كعكة القراء في الجزائر فخمة وثرية لا يستهان بها، ومن جانب آخر نشهد نقصا كبيرا في العناوين الجديدة والكتب القيمة مع وجود طلب عال عليها، ولكم أن تسألوا المغتربين ومن يسافر دوريا لخارج الجزائر، كيف أن الكتاب مطلوب جدا عندهم من أصدقائهم في الجزائر.

إطلاق مشروع تسويق الكتاب إلكترونيا فكرة خصبة جدا، شرط أن يتحلى صاحبها بطول النفس، ويدخل المشروع باستثمار كاف في الموارد المالية والبشرية، بنظام عمل عصري ومرن، دون التحجج بالدفع الإلكتروني، فهذه مرحلة ستأتي عاجلا أو آجلا، ولازلت ثقافة الدفع عند الاستلام هي المسيطرة والمجدية حاليا سواء في الجزائر أو في أكبر الدول التي توفر حلولا تقنية عصرية وتمتلك بنية تحتية قوية.

المشاريع الناجحة في ريادة الأعمال هي تلك التي ينفر منها الناس، ويستصعبونها، ويرون استحالة تنفيذها، ورائد الأعمال الحقيقي هو شخص يمتلك عينا خاصة، وذهنية فريدة، وشحنة عالية، ونظرة ثاقبة لما يتطلبه المستقبل الذي نتجه نحوه لا ما يجب أن يكون عليه الواقع حاليا.