يحدث أن يتحمس الإنسان بفكرة أو قضية معينة فيبشر بأخبار سمعها عنها في كل مقام ينزله وكل مجمع يكون فيه حاضرا، معلوماته في ذلك بعض ما سمعه مع جرعة من الإضافات والبهارات التي تزيد من الخبر الحصري الذي يحمله نكهة وميزة وحتى بعض الثناء والإعجاب.

هذا ما يقع في عدة مجالات، إلا أن الأخطر أن يحدث في مجال الأعمال والمشاريع الاستثمارية، بما أن التصديق بما يتم الإخبار به يتحول سريعا لخطوات ميدانية مما يعجل بوقوع الخيبات والكوارث بناء على معلومات مضللة وشبه معطيات تم تجميعها وتشكيلها بغير أساس ولا سند.

نحمّل صاحب المشروع المسؤولية ونلقي عليه اللوم طبعا منفذا أو مستثمرا، لكن سياقنا يشير لقوة تأثير مهيمنة أخرى هي الثقة وسحر الجديد وما غفل عنه الناس، فكل جديد إن جاء ملونا بصبغة الربح السريع، مزينا بأضواء الثراء العاجل الموعود سيجلب إليه موجة من المتسلقين والمقلدين الحالمين الواهمين.

كم من مجال واعد تم إفساده بالشائعات المنفوخة، وكم من مشروع يحمل في طياته أمارات النجاح تم وأده وهو جنين أو وليد لم يتنفس بعد، لم يتركوه حتى يمر بالتجارب الأولية، لم يمهلوه حتى يكتشفوه بدقة، لم يصبروا عليه حتى يفصح عما يخفيه جيدا.

الاستثمار والدخول في صفقات أو مشاريع جديدة يستحق التريث والتفكير والتخطيط والصدق مع الذات ومع الشركاء وكل طرف في العملية، وليس لعبة أطفال يبكون لفراقها ويرمونها بعد دقائق من الحصول عليها ليطالبوا بغيرها.