في زيارتي الأخيرة للعاصمة الهولندية أمستردام وكعادة الأسفار تعلمنا وتلهمنا، فمن بين ما شد انتباهي وأثار غيرتي، مدى مستوى إنسان المدينة في التعايش والتأقلم مع ظروفها الطبيعية الصعبة كأرض منخفضة يحوم الماء من حولها ويخترقها من كل جهة، فالمياه مما لا ينصح بمواجهتها وإنما وجب التعامل معها كأمر واقع ومحاولة توجيه مساراتها بحكمة وذكاء.
فقد حولت مهندسو أمستردام تلك المشكلة وذلك التهديد إلى نقطة قوة جاذبة للزوار وعامل أساسي في الدفع بقطاع السياحة نحو المزيد من الفعالية، علما أن أمستردام مصنفة ضمن المدن الأفضل توفيرا لظروف الحياة.
تلك المياه صارت منتظمة في أنهار بديعة داخل أحياء المدينة، فأضافت لها زيادة على روعة المناظر، فرصة التنقل بالسفن فضلا عن السيارة والدراجة الهوائية والكهربائية والميكانيكية، والحافلة والترامواي وحتى مترو الأنفاق رغم خطر المياه عليه مرة أخرى!
لا أعتقد أن كل هذا قد جاء من فراغ، وإنما للذاتية هنا دور كبير في إبداع الحلول التقنية بما يتناسب ويتناسق وعمران المدينة لا باستيراد الوصفات السحرية من خارج البلد تحت مسميات الخبرة والحداثة دون اعتبار لخصوصية المنطقة.
نعم للاستلهام لكن لا للتقليد وانتظار الحلول المعلبة من الخارج، فهل يمكن أن يفكر وينجز مهندسو وتجار وباحثو وسياسيو و… إلخ بلدي بمثل هذا المستوى من التفكير والإنجاز؟
نأمل والأمل خير… 🙂
Comment (1)
المعضلة عينها تتكرر في المغرب ,و لعلها في باقي البلاد العربية, إستيراد حلول وقوالب جاهزة من أروبا _غالبا فرنسا_ وحشرها عنوة في بلاد لها ظروفها و قيمها و ثقافتها الخاصة بدعوى أنها نجحت هناك ,مثل صبي غر يريد إدخال شكل مكعب في محل شكل هرم في إحدى لعبه ولا ينتبه لشكل الهرم بجانبه الذي لو إلتفت إليه لوفر على نفسه تكلفة الاحراج وتكاليف أخرى .
و دمت متأملا.