لا شيء صار يربطني ببقعة جغرافية بائسة يحكمها مهرجون لا يتوقفون عن إهانتنا بغباء لا مثيل له… يجدون من يصفق لهم… يعجب بهم… يبرر لهم…. ويدافع عنهم…تعلق آمالا… تمني نفسك… تجتهد… تحاول… إلى أن تكبر فتجد نفسك تعيش في حظيرة كبيرة… وحفرة غائرة… لا ينجو فيها إلا من غالب نفسه وكتم أنين قلبه وعطل عقله ورضي بمصير يعتبره قدرا حتميا… أو اتخذ سبيلا خارج المتاهة!
من يسألني عن جنسيتي أبادره وأترجاه لتغيير الموضوع إلى حين… وإن ألحّ وأصر… أذكرها وأتبعها ب “حاشاكم”… وهو أرحم وصف قد يخفف نوعا ما ألم المأساة…
توقيع: مواطن برتبة طحان وفرحان!
إعلان شخصي (2)
لم أكن أتوقع كل ما حدث أمس بعدما قمت بنشر حلقة من حلقات أحاديث المساء بما حوته من مشاعر ومواقف ليست بالجديدة علي، خاصة لمن يعرفني حقا ويدرك حجم الخيبة التي نعيشها في سجن كبير قضبانه معنوية، في بلد أشبه بالورطة منه للوطن!
تعليقات ومراسلات كثيرة مهمة على الخاص من باب الاهتمام والتفاعل، وأخرى جاءت في سياق اللوم وكأني اكتشفت شيئا جديدا أو وصفت حالة كانت خفية، أو كتبت عن قضية تحدث لأول مرة، مما دفع بالبعض -كالعادة- لممارسة دور الوصاية على ما أكتب وما لا أكتب، فيما تخيلني أحدهم جاثما حزينا كئيبا في ركن من أركان بيتي أذرف الدموع..
لم يحدث شيء من هذا لأني ببساطة لازلت أملك الكثير من مقومات التفاؤل والإقدام في الحياة رغم مقاومة ظروف البلد وعرقلتها وتبديد كل أمل في توسيع الأثر وتحقيق طموحات بريئة رافقتني كأي شاب منذ الصغر، ألتفت إليها الآن فلا أجد فيها سوى سذاجة ووهم ينكشف يوما بعد يوم..
أتفاءل نعم ببلدتي الطيبة أغلان وما تحويه من جمال عذري رغم تآكله ورغم التشويه والسعي للنيل منها بالمحرقة تارة وبالحرب النفسية تارة أخرى بسبب التقصير وخرق عقد اجتماعي ونقض عهد قاده سياسيون اتخذوا من رقاب الأبرياء وأرزاقهم مطية لتحقيق جشعهم وخبثهم وهم من يعزفون لحن الرداءة في الوطن، ويمنون على الناس بأمن وهمي وأمان زائف.
أتفاءل بأسرتي وأصدقائي وكل إنسان حمل الطيبة والصدق في لسانه وحاله رغم العبث الذي لحق بالكثير من الأقوام وحمية الجاهلية التي صارت منطقا يتعاملون به، فلا قانون يردعهم ولا أخلاق تردهم، حتى صارت أدنى الحقوق منهم أحلاما بعيدة المنال، أما الواجبات فغائبة عن قواميسهم إلى حين!
هل سأتفاءل بالمناظر الطبيعية التي تزخر بها الجزائر؟ ما علاقتها بسياق ما كتبت؟ بالعكس فالمأساة تتضاعف حينما نقر بما نملك ونقر بسوء تسييرنا له، لا أؤمن بأن المسؤولية على الجميع، بل أراها معلقة على المسؤول عنها ابتداء وما الجميع إلا جزء تابع له إن قام بدوره كتكليف ثقيل -بلا مزيتو- لا كتشريف وإحسان يمن به على الوطن.
ربما يراني مبالغا من لا يريد الإقرار بالحقيقة، أو من لا زال بعيدا عن المشهد، أو لم يسافر ولم يشاهد ولم يطلع، من حقهم أن يعتقدوا ما شاؤوا، ومن حقي أن أعتقد ما شئت وأكتب وأعبر…
قد يتبع..
توقيع: نفس المواطن