تجرّنا معاملاتنا مع الناس لنهايات سعيدة أحيانا، وغير كذلك في أحيان أخرى، وهذه سنّة كونيّة لا مناص منها ولا مهرب، فحينها نكون في الأولى سمنا على عسل تجري الأمور طيّبة مادمنا في نفس الخطّ متّفقين، لكّنه ما إن تهبّ بعض الريّاح العكسيّة حتّى يزاح اللثام، فتحدث الأزمات ويحلّ الشقاق محلّ الوفاق.
إن حكّمنا العقل في مشكلاتنا وجدناها ممكنة الانفراج فسعينا لأجل الحلّ وبلغناه بتوفيق الله، أمّا إن غلّبنا العاطفة واستبعدنا كلّ فسحة أمل فإنّنا نصير ألذّ الأعداء بعد حسن عشرة ورفقة.
ما علينا فهمه أنّ الاختلاف بيننا كبشر أمر بديهيّ وطبيعيّ سببه تنوّع مشاربنا الفكريّة وتصوّراتنا الذهنيّة، وقد جبلنا بطبيعتنا على ذلك، وخلقنا هكذا نرى الحياة من ثقب صغير جدّا رغم زواياها المتعدّدة واحتمالاتها الكثيرة.
إن وعينا كلّ هذا تركنا مجالا فسيحا بيننا وبين اتّخاذ مواقف متسرّعة نندم عنها لاحقا أو في الحين، فلنحسّن علاقاتنا ببعضنا ولنستمسك بها ولو اضطررنا لوقف بعض المعاملات في سبيل الحفاظ على الودّ متينا، القرار صعب بكلّ تأكيد، إنّما يهون إن كان لأجل هدف نبيل نرجوه ببعد النظر.
تجارب الحياة معرّضة إمّا للنجاح أو للفشل، فلنحرص إن فشلنا فيها أن تبقى الصِّلات بيننا حيّة وإن رقّ خيطها وانحسر منسوبها فالمطلوب ألّا ينقطع ولا تجفّ، فالمصيبة ليست حينما نخسر أموالا وجهودا ولكن عندما نخسر الإنسان.