يسألني بعض الأصدقاء والأحباب حولي عن الفيسبوك، ما جدواه؟ وما فائدته؟ وعن طريقة العمل به؟ هل هو وسيلة للترفيه كما في ظاهرها أم أنه يخبّئ الكثير من خلفه؟ هل امتلاك حساب فيه أمر ضروري؟ وهل يعتبر من لا يعرف الفيسبوك متخلّفا أم حتى أميّا؟ أسئلة وغيرها تتبادر لذهن أي منا.

في حقيقة الأمر لا أملك أجوبة دقيقة لكل تلك التساؤلات، وكلمحة سرعة فالفيسبوك موقع ارتقى ليكون شركة عملاقة في مجال الأنترنت لمؤسسها مارك زكربيرج شهر فيفري عام 2004م حينما كان طالبا بجامعة هارفارد الأمريكية، فقد كانت فكرته بسيطة ومحصورة بين طلبة جامعته إلا أنها توسّعت بشكل غريب وسريع لتشمل العالم بملايين المشتركين وربما الملايير قريبا.

لست لأفصّل في تاريخ الفيسبوك فقد كتب فيه الكثيرون، وإنما أستهدف من خلال هذه التدوينة بعض النقاط الضرورية لكل من يتساءل عن هذا العملاق الإلكتروني وكيفية ترويضه والتعامل معه بتحكم ودراية، وفي هذا الصدد أحصيت هذه النصائح:

  • اختر أصدقاءك: من أهم ما أنصحك به أخي أن تحسن اختيار أصدقائك، كما في الواقع تماما، فليست الشهامة والبطولة بالعدد وإنما بالنوعية، فصاحب من يفيدك وتفيده، ولا تكن لقمة سائغة في ضعاف النفوس، تضيفهم لقائمتك فينشروا سمومهم عن طريقك، فإن لم يؤثروا فيك أثّروا في كل من يطّلع على حسابك.
  • الخصوصية (ارفع يدك فأنت محاصر!): هاجس كبير فعلا، وهنا أتحدث عن خصوصية المعلومة بالنسبة لغيرك ممن معك في الفيسبوك، أما قضية أن الفيسبوك مركز استخباراتي فتلك قناعات، ومن يؤمن بها فقد تحاشى تماما التسجيل فيه أو على الأقل طرح صوره ومعلوماته، بل حتى أفكاره، لكن ما أقصد بالخصوصية فيمن ينشر كل ما لديه في الفيسبوك خاصة الصور دون إذن صاحبها فهذا نوع من الخيانة، هناك عدة طرق منها لتفادي هذه التصرّفات إما بموافقة أصحابها أم بتحصين الحساب من إعدادات الخصوصية، أو إنشاء مجموعة من نوع المغلق أو السرّي، تجمع عائلة أو مجموعة أصدقاء ينشرون فيها ما لا يمكن نشره لعامة الناس، ويتناقشون فيها أفكارهم وآراءهم ويتشاركون صورهم بكل أريحية.
  • الإدراجات (لا تنتج يداك إلا عسلا): انتق ما تكتب، وحاول أن تكون كتاباتك أو صورك أو مقاطع الفيديو التي تنشرها إما تذكيرا لنفسك ولغيرك، أو إثراء لموضوع هام وهادف، أو استفسارا عن خبرة أو مهارة، أو غيرها من الأمور الجادة المفيدة، وابتعد عن التشهير بالأشخاص والمؤسسات، وكفّ عن إذكاء نار الفتن ولو بكلمة بسيطة لا تلقي لها بالا، ببساطة كن شخصا مسؤولا في الفيسبوك، كالغيث النافع يصبّ على كل بار وفاجر.
  • الإعجابات (البيض والحجر): لا تتسرّع في النقر على “أعجبني” أو “Like” فكّر مع الأمر أولا، اسأل نفسك ماذا يعني لي هذا؟ هل ينطبق على شخصيتي كمسلم؟ كإنسان؟ والإعجاب هنا سواء لعبارة معينة نشرها غيرك، أم لصفحة شركة أو هيئة أو منظمة، المهم في الأمر راجع ثم راجع ثم راجع ثم قرّر، ولا تفعل مثل من يعمل للطواف حول الكعبة المشرّفة “أعجبني” وفي نفس الوقت لحفلة راقصة لساقطة بأحد الكاباريهات “Like”!.
  • بين الحساب الشخصي والصفحة: هناك فرق جوهري بينهما، فالحساب الشخصي عادة يكون لإنسان بعينه، أما الصفحات فتكون للتمثيل المعنوي، كالجمعيات والشركات والمنظمات، وحتى الأشخاص ولكن على شكل شخصيات مشهورة، وكفرق آخر فالحساب الشخصي يتطلب إذنا بالصداقة وبعدها يتم تتبع تلك الطلبات من صاحبه واحدة واحدة ليقبلها وهذه عملية شاقة، إلا أن الصفحة يتم الإعجاب بها بمجرد اختيار أيقونة الإعجاب دون إذن من صاحبها، والأمر الأهم أن الحساب الشخصي له سقف 5000 صديق، فيما الصفحة ليس لها حد معين، يعني إذا أردت إنشاء حساب في الفيسبوك لجمعية أو شخصية مشهورة فالأحسن أن تعتمد طريقة الصفحات، أما إذا أردت أن تنئشئ حسابك الشخصي فذلك عن طريق السجيل المعتاد في صفحة الدخول للفيسبوك.
  • قبل أن تنشئ صفحة: هناك نوعين، صفحات شخصية كأن ينشئ أحدنا صفحة مدونته على الفيسبوك أو شركته أو مشروعه أو حت فكرته، فلا أحد هنا يمكن أن يلومه أو يمنعه، ولكن عندما يتعلق الأمر مثلا بشخصية مشهورة، فهنا علينا التنبه جيدا، فكم من صفحة لشيخ أو عالم قدّم الكثير لأمته في حياته، يأتي مراهق ليسيء له بنشر أمور غريبة وتسجيل إعجابات باسمه لأشياء لا تمت للدين ولا الذوق بصلة، أرجو أن تكون الرسالة قد وصلت، ولا أفصّل في الأمر كثيرا.
  • علّق وحاور ولكن…: قضية التورّط تتجسّد هنا تماما، فبما أن الفيسبوك يحوي في فضائه الكبير والصغير، الغني والفقير، المتعلّم والمتعالم، العاقل والجاهل، المسلم وغيره، العربي والأعجمي، سكان المدينة والأرياف، يعني هناك مجال كبير جدا وشاسع لاختلاف الرأي، حاول ألا تتورط في كل حوار، لا تتدخل في كل نقاش خاصة في أمر أو تخصص لا يعنيك، إن أمكن اعمل جولة خفيفة أولا في بروفايلات من يناقش، ومنها ستأخذ صورة ولو تقريبية، فربّ كلمة لا نلقي لها بالا تهوي بنا سبعين خريفا.
  • التطبيقات (ليس كل ما يلمع ذهبا): تأتيك طلبات قبول التطبيقات بكثرة في الفيسبوك، وكمثال على تلك التطبيقات أن تعرف من زار بروفايلك (البروفايل هو صفحة معلوماتك) أو أمورا غيرها، احذرها فبعضها طعم لقرصنة الحسابات، وكأنك تقدّم لمبرمج ذلك التطبيق كلمتك السرية واسم دخولك على طبق من ذهب.
  • كن خفيفا: نصادف أحيانا في الفيسبوك أعضاء ثقلاء بأتم معنى الكلمة، والثقل هنا في كلماتهم وردودهم، فإن أردت أن تكون خفيفا تألف وتؤلف، فلا تدرج في مجموعتك شخصا دون رضاه، ولا تكتب يداك إلا طيبا، ولا تتسرّع في إطلاق أحكام دون تحقّق وتمحيص، ولا تتدخّل في حوار شخصين دون أي مبرر، ولا تفعل إلا ما تكون راضيا بشأنه من أعماق قلبك.
  • كن حمامة سلام لا غراب خصام: نشاهد في الفيسبوك أنواعا من المشتركين، منهم النحل ومنهم الذباب، فالنحل عندما يدخل غابة يختار منها الرحيق بغض النظر عن ما فيها من مخلّفات الحيوانات والدواب أكرمكم الله، ولكن ماذا عن الذباب؟ صورة طبق الأصل لبعض الناس، فيا أخي كن مع الحق نعم، لكن بأي أسلوب وأية طريقة؟ إن كنت معارضا لأنظمة قائمة أو أشخاص ممارسون في مناصب معينة، وتنعتهم بعدم الديمقراطية، فكن أنت في المستوى وحاور من يعارضك أيضا بأدب، وإلا فكيف سيتقبل الأمر حينما ترتقي منصبا -وهذه سنّة الحياة- وتكون لك سلطة معينة فكيف تتعامل مع معارضيك حينها؟ أعتقد تحاكمهم محاكمة عادلة وتعدمهم بعدها؟ على الأقل هم كانوا أحسن منك وأبقوك حيا وأتاحوا لك ما تنتقدهم به.

الفيسبوك عالم فسيح، اجعله أداة في يدك، تتحكم فيه لا يتحكم فيك هو، حاول أن لا تكتب ما تندم عليه غدا، سواء في حياتك أو بعدها، طبعا أنصحك بالتسجيل والتفاعل فيه، ولا أدّعي أن الأمر ضروريا لكنه قريب من تلك الدرجة في رأيي، لكن فقط… لا تتورّط!

إن كانت هناك استفسارات أخرى اكتبها كتعليق لأحاول معالجتها في كتابات قادمة إن شاء الله