يتساءل الإنسان عن فرص الاستثمار الواعدة كلما جمع مبلغا معينا من المال، ويبحث هنا وهناك عن أهم المؤشرات والمعايير، فيجد تضاربا من المستشارين والتجارب، واختلافا واضحا في النصائح والتوجيهات، حتى ينتهي به الحال حائرا محتارا.

ينصحه من ينصح بالاستثمار في شركات المضاربة أو صفقات الذهب أو العملات أو العقار، ليجد من يلح عليه بعدم المخاطرة أساسا بل ترك ماله في علبة مغلقة بإحكام أو في حساب البنك، مستدلا بأصداء التجارب الفاشلة من حوله.
لو تأملنا هذه الخيارات نجد فيها ما يبنى على نمطين من الاستثمار، أحدهما يمارسه صاحبه بيده، والآخر يفوض غيره التصرف لإنمائه وإثرائه، معتبرا في ذلك معيارا مهما جدا هو الثقة والسمعة الطيبة في الإلمام بالمجال (القوي) لا في الورع (الأمين) فقط.

المعيار الثاني هو أثر ذلك الاستثمار في المجتمع، ومدى مساهمته في حركية الأموال والاقتصاد، مقارنة باستثمارات أخرى لا تفيد إلا صاحبها، وإن أبدت له بعض البشائر في بداياتها إلا أنها تبقى خالية من الروح، وهنا لا اعتبار لحجم الاستثمار بقدر ما تدفعه النية الخالصة والتوفيق والبركة من الله عز وجل.

لا يمكن المفاضلة بين استثمار وآخر ما لم يكن صاحبه واعيا بدوره الاجتماعي، مدركا رسالته في الحياة، مقتنعا بضرورة سعيه مخلصا في نجاح غيره لينجح هو كنتيجة منطقية جراء ذلك التدافع.