تتميز المجتمعات المنظمة تحت لواء مؤسسات بالكثير من المزايا، فهي تحيا بانضباط، وتنقاد بثقة وحكمة لمن تعتبره مخلصا مضحيا مدركا لمصلحتها في شتى تفاصيل الحياة اليومية.
هذا النمط من الحياة يولد شعورا بالأمان من جهة، ولكن قد يكون سببا في الميل نحو الانسياق والتقليد في عالم الأعمال، مما ينجر عن ذلك الاحتكام للاختيار الغالب بدل البحث عن النجاعة والجدوى، فتغيب المعايير حينها وتحلّ محلّها الموضة الآنية.
عديدة هي مجالات الاستثمار الواعدة التي ظلمت بأحكام قاسية لا لخلل فيها، وإنما لحالة التشبع التي بلغتها في سوق تعتبر صغيرة ضيقة، فيحدث أن ينساق إليها المستثمرون بدون أي تخطيط، يوجهون إليها رؤوس الأموال بما يفوق حاجتها، فتموت قبل أن تولد.
قد يفسر من يفسر هذه الظاهرة من زاوية الرزق والغيب، وينكر أي حديث فيها بلغة الأرقام، إلا أنه تفسير بعيد جدا عن المنطق والتخصص واتخاذ الأسباب، والإنسان مطالب دائما بتحليل البيانات ودراسة الفرص فيما تعلق بماله، وما استخلف فيه من باب أولى.
يخطئ من يعتقد التفاضل في مجالات الاستثمار مجردة، وينصح بهذا المجال أو ذاك، بينما القضية تتعلق بعدة متغيرات وجب توفيرها لنجاح المشروع، كالمكان والتوقيت المناسب وحصة المنافسين، والمورد البشري والمادي، وطريقة التسيير، وتوفر الرغبة الذاتية والإيمان بالفكرة في فريق العمل.