لكل مرتبة يبلغها الإنسان في الحياة ما يسبقها من استعدادات, فهو يرتقي لأجلها درجات ويختار في سبيلها خيارات، يقرر ويعيد النظر, يجتهد ويفترض آملا من وراء ذلك التفوق في إدارة خياراته بما يعود عليه بالمزيد من النتائج وتحقيق الأهداف.

يتدرج المسار المهني مثل الدراسي، فتبدأ دورة الحياة بالميل نحو تخصص معين، يؤهل فيه صاحبه مهاراته وينفق جهدا ووقتا ومالا لتحسين أدائه التقني فيه، وهو يعتقد في مرحلة زمنية معينة أن تخصصه ومجاله هو ما سيكون منجم الذهب الذي يدر له الأموال.

ثم يكتشف أن السر في التسيير الجيد لمشروع يحوي عدة تقنيين، إذ لا يكفي أن يكون مهاريا في التخصص إذا كان تسيير العمليات داخل المشروع ضعيفا، لذا يسعى لتوسيع نشاطه بتوظيف تقنيين وتأهيل أدائه في التسيير.

التجربة والزمن بعدها سيعلمانه أن الإلمام بالتسيير لن يكفي، وكلما كبر المشروع ونمت الطموحات صار أكثر حاجة وميلا لتعدد الخيارات والبعد عن احتمالات الفشل، هنا يكتشف عالم الاستثمار، يكتشف أن التخصص والمجال مهمان لكنهما ليسا كل شيء، بقدر ما تهم النتيجة والعائد المادي والمعنوي من المشروع.

للاستثمار أبعاد كثيرة لا يمكن حصرها في زاوية معينة، وكلما ازداد الإنسان غوصا، ازداد اكتشافا، عليه ألا يكتفي من التعلم، ولا يقنع سريعا بما يملك من معلومات واجتهادات.