تسارع الأحداث بمفاجآتها، وتسجيل المواقف بمنعرجاتها.. مخالفة توقعات كل من يلتمس من نفسه فراسة التحليلات ونباهة التأويلات.. ظروف تنبئ بفجر جديد وبيئة تفكير خصبة يصنعها جيل الجزائر الحديثة..
حراك تسيره جموع الشعب بطريقة لا يتصورها الكثير ممن عاش فصول القرن الماضي، وبانسيابية لا يستأمنها من نشأ طويلا تحت قضبان القابلية للاستغلال، والميل نحو احتمالات المؤامرات، وسحر الأيادي الخفية والتأثير الخارجي..
المواجهة السلمية لم تنته بعد، بل ربما لم تبدأ أصلا.. والمسيرة نحو الغد المأمول لازالت طويلة، إلا أن ما يخلدها في صفحات التاريخ أوضح وأفصح مما قد يرميها بما يسفهها ويقلل من قيمتها..
الوعي بالمرحلة لم يعد مجرد نظريات تتلى وتوصيات تلقّن وقصائد تلحن.. بل صارت ذهنية متجذرة، وقناعة راسخة، ومناعة قوية عبّر عنها الشباب ولا يزالون.. سواء في الصفحات أو الجدران وحتى في ميكروفونات المراسلين والفضائيات..
لم نعتقد يوما أن التغيير للأفضل لعبة أو مجرد نزهة.. إن تفاءلنا فذلك بما نشاهد ونعيش ونقرأ، وإن تشاءمنا فلأننا نرى معاول هدم بين الصفوف، وأسباب فشل وسط الجموع.. فضلا عن خصم عصي استنزف خيرات وطن ولود، وقتل فيه كل جميل..
التاريخ يكتب من جديد..