حينما نطالع يوميا تلك الأخبار المؤسفة من الفتن والمحن فنجدها غالبا من الظلم الذي يسلّطه الإنسان على أخيه الإنسان هنا وهناك، ولا نملك حينها إلّا أن نحمد الله على نعمه التي أسبغها علينا ظاهرة وباطنة، ورغم ما يصوّر لنا من سوء حالنا، فنحن غارقون وسابحون من نعمة إلى أخرى، لو حقّا تأمّلنا وتفكّرنا…
يقول الله عز وجل: “وَإنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الاِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّار” (إبراهيم 34) وفي سورة أخرى: “إنَّ اللهَ لَغَفُورٌ رحِيم” (النحل 18) ولكلّ متعمّق في معنى الآية أن يتساءل عن المغزى من كلمة «نعمة» عوض «نعم» التي هي أقرب للصواب في نظره، فالله عز وجل يبيّن لنا أنّنا لن نفلح في تحليل وتقدير نعمة واحدة وما تحويها من الخير، فما بالك بالنعمتين والعشرة وأكثر؟ فظلم الإنسان وكفره تقابله رحمة الله ومغفرته حين يحمد ويشكر.
نتذمّر ونحن منغمسين في أمور حياتنا لأبسط ما يصيبنا، حتّى يخيّل لنا أنّنا الأسوء في الدنيا، وما هي في الحقيقة سوى شوكة ليّنة مسّتنا مقارنة بما أصيب به غيرنا، بل مقارنة بما نقترف من ذنوب وتقصير في حقّ الله، فما أصابنا إلّا بما كسبت أيدينا، فلنصبر ولنستغفر، ولنخلص ولنستدرك.
حينما نرى تلك الصور البشعة، والمشاهد المخزية حولنا أو في وسائل الإعلام، لا نملك إلّا أن نخجل من أنفسنا، ونرفع أيدينا لله خاشغين داعين: اللّهم عرّفنا قدر النعم بدوامها، ولا تعرّفنا قدر النعم بزوالها يا أرحم الراحمين، بكلّ تواضع دون أن نخوض في تفسيرات تجعل منّا أبرياء ومن المصابين مدانين، فالأيّام دول، والله عز وجل يقول: “وَتِلْكَ الاَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمُ شُهَدَاءَ وَاللهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِين”(آل عمران 140)