علم التخطيط أخذ حيّزا هاما في حياتنا مع توفّر وسائل أسرع وأفضل لنقل المعلومات وتوفيرها في يد كل باحث كالأنترنت، حيث ارتبط المصطلح بكل تفاصيل حياتنا، ولم يعد حكرا على شركات كبرى أو فرق عمل متخصصة، إلا أنه يختلف حجما ودقة باختلاف القائم به والمراد منه.

من المقولات القويّة في التخطيط: “اعمل بذكاء ولا تعمل بشقاء” فالتخطيط علم يدرّس بتقنيات عالية، ووفق مناهج دقيقة، وكلّما تفوّقنا في التخطيط كلمّا حقّقنا نتائج أفضل، إلا أن هناك من ينتقد التخطيط كعلم أو ينفيه جملة وتفصيلا، ويسأل عن مكانة قدر الله ومشيئته في مخطّطاتنا؟، فعلا هذا أمر مهمّ وعلى كل مؤمن بالله أن يعي القضيّة جيدا، ويعتقد جازما بأنه إذا كان يريد والله ويريد فلا يكون إلا ما أراد الله، قال تعالى: “ولاتقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهديني ربي لأقرب من هذا رشدا”.

لا تعارض في الأمرين، فعلينا أن نخطّط ونسأل الله التيسير في توفير الوسائل والظروف المساعدة، والأهم من ذلك التوفيق في الوصول إلى النتيجة، فلا يفلح من يدعو الله ليل نهار ليبلّغه آماله وأهدافه وهو يعمل دون أي نظام، كما أن هناك الكثير ممن يخطّط بجدّ ولم ينل شيئا مما كان يرجو، رغم اتخاذه لكل التدابير الضرورية واتباعه للخطوات المسطّرة، فربمّا كانت علاقته بالله في أسوأ أحوالها، أو إنه أغفل جانبا مهما من جوانب التخطيط وهو “الخطة B”.

ما معنى تلك الخطّة؟ هي ببساطة تأتي خطوة مهمة حينما نشرع في عملية وضع مراحل النشاط الذي هو موضع تخطيط، فحين ننهي العمل تكون لدينا خطة جاهزة تسمى A، ولكن ماذا لو تغيّر ظرف من الظروف؟ أو تفصيل من التفاصيل؟ علينا أن نكون جاهزين، وقبل الخوض في العمل ندرس الخطة مرة أخرى ولكن هذه المرة في حال وقوع أمور لم نكن نتوقعها، ونفرغ في الأخير إلى خطة أخرى تسمى B.

“الخطة B” كثيرا ما نوظفها في حياتنا بشكل عفوي ودون وعي منّا أو تفكير خاص، فمثلا حينما تزور معرضا للكتب وقد حددت مسبقا قائمة مشترياتك، على الجانب الآخر تقترح بعض العناوين أيضا لتقتنيها في حال لم تجد عناوين أخرى، أو بقي لك مبلغ معين من المال، فهنا قد وظّفت “الخطة B” ببساطتها، إلا أنه يمكن أنه يُغفل عنها في أمور أكبر وخطط أهمّ، كأن يكون لأحدنا “خطة B” مثلا في حال عدم التفوّق في العمل أو خلو الانسجام مع الجو المهني، ولا نمضي وقتا كبيرا نبرره كمرحلة انتقالية بيضاء، غير أنها وقت ضائع سنندم عليه يوما ما.

أما عن استعمالات هذا النوع من التخطيط فنجده عادة في الحروب منذ القديم، وبصورة أخرى أوضح وأبسط عند مدربي الفرق الرياضية، حيث تجدهم يحضّرون خطتين أو أكثر لمقابلة واحدة، ويوظّفونها حسب الحاجة ووفق مقتضيات النتيجة وكذا تعامل الخصم مع المباراة، ولكل الشركات الكبرى فرق عمل خاصة بالتخطيط ترسم عدة مسارات وتصوّرات مختلفة تضع وفقها خططها تحت مسمى “الخطط البديلة”.

التخطيط علم كبير لا يمكن الإلمام به بمقالة واحدة، فعلينا الاعتماد على مراجعه المتوفرة في الأنترنت بكثرة، ونعتمده منهج حياة في دراستنا، وخلال فترة عملنا، وفي بيوتنا مع أسرنا وأبنائنا، وعند تنظيم رحلاتنا، و… إلخ، وكذا اعتمادنا “الخطة B” من شأنه أي يعزّز من مخططاتنا ويرفع من نسب تحقيقنا لأهدافنا، والله من فوق كل ذلك هو الموفق والمبلّغ للصواب.