بتطور الأنترنت وتوفّرها في أوسع نطاق، وفي كل مكان تقريبا، أصبحت وسيلة للعمل وتجسيدا للمهارات وإفراغا لشحن الهوايات، فهذا مصمّم، وذاك مطوّر، وآخر يشرف على موقع معيّن، ويسيّره ويقوده لتحقيق أهدافه المنشودة منه من أول يوم أطلق فيه، هذه بعض المهام فقط، فيما توجد غيرها لو دقّقنا وتخصّصنا أكثر.

إنشاء مواقع الأنترنت يتطلّب جهودا قبل وأثناء وبعد التأسيس، ويحتاج لفريق عمل يقوم بخطوات محدّدة ليقوم المشروع ويؤدي دوره وخدماته لزواره وروّاده، أقول فريق عمل كوني أتحدّث عن مواقع تقدّم مجموعة خدمات، وتبقى على وتيرة متصاعدة من النمو والتطوّر، لا واجهة صمّاء لا يتحرّك محتواها إلا نادرا، إذن الأهم في المواقع الاستمرارية وروح التجديد، فمرحلة التسيير أصعب بكثير من البناء والإنشاء وهذا حال كل المشاريع الأخرى حتى في غير الأنترنت.

ماهو دور مسيّر الموقع Webmaster؟ وماهي الشروط التي تتوفر فيه؟ أحاول الإجابة عن هذين السؤالين، وتبسيط بعض المفاهيم في حدود علمي وتجربتي القصيرة جدا في هذا المجال الواسع الرحب.

لا يخفى على أي منا أن الواب ماستر حاليا أصبح من أكثر المهن طلبا في العالم نظرا لطفرة المواقع والشركات التي تدير مثل هذا النوع من الأعمال، إذ يكون مسيّر الموقع على صلة مباشرة مع المصمّم والمطوّر إن لم يكن هو نفسه، وتلك الصلة تجعله يباشر مهمة الإشراف على أقسام الموقع، ومراقبة الأداء بالموازاة مع الأهداف المسطّرة، كما يحاول أن يقترب أكثر من وجهة نظر الزوار ويدرس احتياجاتهم، وهذا الأمر من جوهر عمل مسيّر الموقع.

وضعت عدة شركات أنترنت خدمات لمسيّري المواقع لعلّ أبرزها Google Webmaster Tools من شركة غوغل العملاقة، هذه الخدمة تعين أي مشرف على موقع على مراقبة أداء موقعه بعدة مؤشرات ومعايير دقيقة، الخدمة مجانية وسهلة الاستعمال كما أنها متوفرة بعدة لغات.

على من يؤدي دور المسيّر لأي موقع أن يكون على دراية بالتصميم والبرمجة، أو يكون ملمّا بالأساسيات على الأقل، فهذا الأمر يساهم في اختصار الطريق بينه وبين المصمّم أو المطوّر، حينما يطلب من أحدهم القيام بمهمة يكون مطّلعا وعارفا بما يطلبه، كما أن الطرف الآخر يتلقى الفكرة سريعا ليجسدها مباشرة، وفي تعاريف الواب ماستر في النت وجدت أنه يشترط غالبا المرور بمرحلة التصميم والبرمجة لاستحقاق منزلة المسيّر للموقع، زيادة على ذلك على المسيّر أن يبدع كل مرة بأفكار جديدة تخدم زيادة التفاعل في موقعه، بالاستعانة مثلا بجولات سريعة على المواقع الأخرى، ومتابعة جديد الإضافات وتطبيقات الواب، كما عليه ربط علاقات واسعة مع أصدقاء من نفس التخصص قصد تبادل المعلومات والمستجدات.

ومن الأدوات والآليات التي تساعد المسيّر (Webmaster) خلال عمله عقد اجتماع دوري -يستحسن أن يكون أسبوعيا- لتقييم أداء الموقع من عدة جوانب ومؤشرات تكون مرتبة في ملف يمرّ عليها كمحاور ويدوّن الملاحظات بشأنها ليتم استدراك النقائص، وتطبيق التوصيات والأفكار الجديدة، كما يعتبر الاجتماع فرصة لدراسة بعض الاقتراحات الجديدة التي ترد بريد الموقع من رواده وزاره، ومن جملة محاور التقييم أذكر مايلي:

  • مراقبة أقسام الموقع وجديدها ومتابعة الإدراجات الجديدة والماضية، والأصداء التي وردت منها.
  • متابعة مؤشرات الإحصائيات المتعلقة بالموقع، وهذا مثلا باستعمال أداة Google Analytics، لمعرفة عدد الزوار والزيارات، والأقسام الأكثر طلبا، والأعلى تقييما، كما تشتمل أداة الإحصاء على كم كبير من المعايير الدقيقة لمتابعة سير الموقع.
  • التقرير بشأن الأفكار الجديدة بنشرها أو برمجتها لأجل لاحق، وهذا بدراسة الظروف المحيطة، وأنصح هنا بعدم الزج بكل الأفكار مرة واحدة، بل التوازن في الطرح، لإبقاء الموقع حيا من جهة، وليألف الزائر التعديلات الجديدة واحدة تلو الأخرى بطريقة تدريجية.
  • مراجعة التعليقات الهامة المنشورة خلال المدة الماضية، والخروج منها بتوصيات وحتى قرارات ربّما، فالتعليقات في مجملها عبارة عن انطباعات أو اقتراحات، أو انتقادات أو استفسارات، فعلى المسيّر هنا أن يكون ذا قلب واسع ونفَس طويل ويأخذ بالأحسن ليطوّر موقعه، كما أن للتعليقات السلبية دور إيجابي في عديد الأحيان إن أحسن استغلالها واستثمرها في تحسين الأداء وترقيته.

من هنا نجد أن العمل في كواليس المواقع أمر ممتع، لتجدّده الدائم، واكتشاف الكثير من الآراء، والتعامل مع مختلف أنماط التفكير، وكلما أحسن المسيّر التعامل مع الصدى العائد من الزوار كلما وجد نتيجة عمله ميدانيا، ولاحظ تطوّر موقعه واقعيا.

لكن من جهة أخرى نجد أن المسؤولية كبيرة أيضا، حيث يحمل المسيّر ثقلا معنويا على كاهله لا يحسّ به إلا المجرّب، ولكم أن تسألوا أي واحد منهم عن إحساسه كل صباح عندما يسارع إلى مؤشرات الإحصائيات ليطمئن على ارتفاعها، فإن رآى بعضها نازلا زاد قلقه وإن أخفى ذلك الشعور بالخيبة، وعندما يكون متابعا لترتيب موقعه من خلال مؤشر Alexa الشهير فالأمر أشبه هنا بمراقبة أسهم البورصة بالنسبة للشركات الاقتصادية، وكذلك انقطاعات الموقع التي تحدث أحيانا، فلا الزائر ولا المصمم يتأثّران بذلك الأمر مثل المسيّر نفسه، وكأن عرقا من عروقه قد سدّ -لا قدر الله- ، إلى أن يعود الموقع ليشتغل مرة أخرى فتعود الحياة حينها، أحاول مستقبلا الحديث أكثر حول كيفية التعامل مع بعض المشاكل التقنية والفنية التي تعترض المسيّر لأي موقع أنترنت.

حقا مهمة تسيير الموقع متعة ومسؤولية، هذا في حالة العمل على موقع واحد، فما بالك بعدة مواقع؟ الموضوع طويل وعريض لو جئنا لكل تفاصيله لكن في هذا القدر كفاية، وإلى مقالة أخرى في موضوع تسيير المواقع لنكتشف معا على العالم الكبير فأفيدوني بإثراء الموضوع أكثر.

المقالة منشورة أيضا في ميديا فيكوس