يرزق الله سبحانه وتعالى الإنسان من فضله ويمنّ عليه بما ييسر له الحياة ويزينها له، سواء بمال أو جاه أو علم أو علاقات أو كل ما يتيح له نوعا من الرفاهية والمتعة، كما يبتليه بما يشعره بالمشقه والعنت لحكَم ومقاصد يريدها.

يتشكل المجتمع من عدة أطياف وتوجهات ترسم معالمه، كلوحة فنية تمتزج فيها الألوان في تناسق أحيانا، وتشنج في مناسبات أخرى، اختلافات طبيعية مبنية على التمايز المعرفي والفكري، أو الاختلاف الطبقي في الثروة ومظاهر الحياة المادية.

هذا الاختلاف بين الطبقة الميسورة، والمحرومة ولّد مجموعة من ردات الفعل في الاتجاهين، يترجمها السلوك، وتفصح عنها المناسبات، وتظهر جلية أكثر في الاختبارات والأزمات، بتبادل التهم في صور المواجهة السلبية، أو التلاحم والتعاون في الجانب المشرق من التعامل بين هذه الثنائية المتغيرة الحتمية.

لو تأملنا أكثر وحاولنا التفكير في العلاقة من منطلق المصلحة العامة فإننا نقف على واجبات تلزم الطرفين، إذ لا فضل للغني على الفقير، ولا تفاضل بينهما إلا بما يقدمانه بإخلاص بين يدي الله عز وجل، فالعبرة لم تكن يوما بالحجم والعدد، بقدر ما هي بالأثر والنية.

أيما مجتمع أدرك اختلافه، وعاش بوعي بمنطق التكامل وتبادل المنفعة، كان أبعد عن الفتن، وأقوى على مواجهة تحدياته، وأكثر مناعة وتمكّنا ذاتيا، ولكن عندما تنخره الحساسيات، وتتحكم فيه التصنيفات، فإنه يسير بخطى حثيثة نحو هلاكه.