تحكم المجتمعات عدة قوى مؤثرة متداخلة متجاذبة، هي التي تحدد مصيرها وترسم أبرز معالمها في خط الزمن، قوى تنبع من ذات تلك المجتمعات تارة، وتفرض نفسها من خارجها تارة أخرى.

المال والعلم قد يكوّنان أبرز قوتين مثيرتين للجدل بتأثيرهما المباشر على مجريات الحياة، خاصة عندما تأخذان دور القطبين المختلفين المتنافسين على مناصب القيادة، فتضيع مصالح المجتمع بسبب سوء استخداهما ممن يملكهما.

ذلك الخلل يولّد نظرة مشوهة للناس تجاههما، نظرة تتهم المال والعلم بدل أن تحمّل أصحابهما المسؤولية، حتى الخطابات التربوية والمسجدية والأدبية والفنية تتورط في ذلك الاتجاه لتجرّ خلفها من بقيت فيه ذرة تفكير وتحليل.

أيما مجتمع يسعى لإنتاج المعرفة بيد أبنائه، يشجع ويتبنى العلم الحقيقي في فعالياته ومنابره، فقد خطى خطوات نوعية نحو تحقيق ذاته وفكّ عقده وتصدير قيمه وأفكاره لغيره من المجتمعات، من موقف قوة ومقام تأثير رفيع.

حينها يصبح المال خادما أمينا يسخّره القائد لنفع الإنسان وبلوغ أهدافه الاجتماعية، فالمؤسسات والمشاريع تقوم على المال، دون أن ترهن مصيرها به، تستمر بالمال دون أن تموت بفقده، هي بذلك كخيط الذهب الذي يرقّ ولا ينقطع، بينما بالعلم تحيا أو تموت ولا منزلة بينهما.