نعود مجددا ونلتقي مع مقالات تهم المصممين خاصة المبتدئين منهم، والذين يريدون أن يرسموا لأنفسهم طريقا، ويتميزوا بأعمالهم ويتطوروا فيها، ومن أسباب النجاح وجود خطة واضحة، ومنهج محدد، فلكل منا شخصيته وميوله وانتماؤه، وكذا دينه الذي هو الأصل، فكيف نوظف كل ذلك في أعمالنا الفنية؟
توظيف الدين أقصد به هنا إبرازه والعمل وفق شرع الله، وليس التباهي فقط ومحاولة لفت الانتباه دون ممارسة حقيقية، فكم من مصمم يخرج أعمالا دعوية راقية في جمالها ومضمونها، لكنه في نفسه لا يفعل مما يدعو إليه شيئا، فهذا خلل لابد أن يصلحه إما بتصميم ما يؤمن به، أو بتطبيق ما يصممه.
لاشك أن الكثير من المصممين خاصة من يعيش في المدن الكبيرة، أو في دول الغرب، عانى أو يعاني من طلبات الزبائن (العملاء) بأعمال تحتوي على صور نساء، كأغلفة الصابون، وأنواع المنظفات، أو منتوجات محرمة، فيبقى محتارا بين الربح المعتبر من خلال العمل، وبين وازعه الديني الذي يرده عن الإقدام لمثل هذه الأعمال. لكن شخصيا أعرف بعض المؤسسات وأصحابها المتدينين لا يتورعون في إنتاج مجلات وملصقات لا تخلو من صور فاضحة يخجل الناظر إليها، وفي سؤالي شخصيا لبعض من يفعلون هذا يجيب بضرورة الفصل بين ذلك العمل والحياة الدينية، أي لما يغلق المكتب يصبح إنسانا آخر متدينا ملتزما، وفي أوقات العمل نضع تلك الأمور جانبا ! فهل يعقل هذا؟
لابد للمصمم أن تكون له شخصيته ويقول لا، لمجرد أن هناك من أمره بذلك وهو الله عز وجل، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، ولنمارس الدعوة إلى الله من خلال أعمالنا الفنية الهادفة، ولا تقتصرها في مساجد والمنابر، فكم من إنسان تأثر بغلاف كتاب، أو مطوية دعوية وكانت السبب في تغيير مسار حياته، والعكس أيضا صحيح، فلماذا لا نكون من الصنف الأول؟ ليهتدي من يرى تصاميمنا ولا يضلّ.
رسالة المصمم تدفعه لاتخاذ طريق واضح والسير بخط مستقيم، فلا يتيه مع طلبات زبائنه، ولا يهمه المال، لأنه الذي يرزق هو الله، ولا يعقل أن ينهانا عن شيء ويجيز لنا الاسترزاق منه، فمثلا مع غمرة الأعمال التجارية يحاول المصمم إبداع أعمال تبرز قيمة خلقية معينة، ينشرها مجانا، وكذلك في حال كان الزبون صاحب مدرسة أو جمعية خيرية يعرف كيف يتعامل معه ولا يساويه بغيره من أصحاب الشركات والأعمال التجارية في تكلفته عمله، كلها مظاهر تتجلى في المصمم ذي الرسالة النبيلة.
طبعا فموضوع الرسالة لا يقتصر بالمصمم الفني، ولكن يتخطاه لكل المجالات، وبما أننا في محيط يجتمع فيه أصحاب المجال فكان علي أن أبرز هذه النقطة الهامة والتي كثيرا ما لاحظتها جلية في بعض الأصدقاء في بداياتهم، حيث يُنصحون بالتقليد أول الأمر لتطوير إمكاناتهم، فلماذا نتوجه للأعمال التي تتنافى مع الرسالة رغم جودتها؟ فهناك أعمال محترفة ولائقة وجميلة، فلا نسعى للتقليد لأجل التقليد وفقط، أرى الكثير يبدأ مسيرته الفنية بتصميم بانرات لمغنيين وممثلين ونشرها في النت، ولما أسأله عن جدوى ذلك لا أجد لديه جوابا، فلماذا لا نتعلم في شخصيات هادفة ملتزمة؟، كالمنشدين، والعلماء والدعاة، وما أكثرهم، فعوض أن نصمم غلاف ألبوم لمغنية فاجرة، ننجز عملا جميلا لألبوم أناشيد قام بأدائه فلان أو فلان، هنا ننال أجرا عند الله، ودرسا في فن التصميم بحكم الممارسة والتطبيق.
وفي الأخير أفتح قوسا صغيرا وأنصح من يدير مؤسسة أو يحاول إنشاءها، الاعتماد على مرجع في الفتوى والأمور الشرعية يعود إليها متى أشكل عليه أمر، فلا الذي يحرّم ما أحلّ الله ولا الذي يحلّ ما حرّم الله على حق، ولكل مجال أهل الاختصاص فيه، كما نفعل لما نعتمد مراجع ومدارس في التصميم ونسعى لطلب المشورة كلما اقتضى الأمر… أغلق القوس.
أرجو أن تكون الرسالة وصلت والموضوع مفتوح للإثراء…
التدوينة منشورة أيضا في موقعي نقطة بداية وميديا فيكوس
Comment (1)
أصبت الهدف 🙂 الإسلام ليس حبيسا بالمساجد فقط، بل هو منهج حياة