خلال تجولي في قائمة مدوناتي المفضلة، لفتت نظري مقالة جميلة في طرحها وفكرتها تتحدث عن موضوع كنا نراه حكرا على من تقدم في السن ورأى من الدنيا الكثير، “تجارب الحياة” هذه المرة كتبها شاب في مقتبل العمر لكن بأسلوب مختلف.
المقالة لكاتبها محمد شاطر بعنوان: علمتني الحياة الافتراضية، فبعدما قرأتها استوقفتني فقرة سآخذها بشيء من التحليل والبسط منتظرا آراء أخرى يمكنها موافقتي وإن خالفتني فمستعد لتقبل أي فكرة تفيدني وتقنعني.
يقول الأخ محمد:
“علمني عالمي الافتراضي ، أن المنتديات ليست كلها غير نافعة (كما يظن الأكثرية) فقد كانت بدايتي منها، إنما الذي غير هذه المنتديات هو الجيل الجديد من الأطفال ، الذين لا يعرفون لا إثبات حقوق ملكية، ولا تقدير مجهودات الغير”
المنتديات التي بدأت ولازالت تقدم الكثير من الخدمات ولا نكاد نحصي شخصا دخل عالم الأنترنت ولم يتعرف على منتدى معين وشارك فيه وربما كان له شرف الإشراف على قسم منه أو إدارته ككل، لكن الآن أصبحنا نرى مشاهد ربما بسيطة بيد أن وقعها مؤثر ومهم، كثيرا ما نفّرت طاقات معتبرة خرجت من منتدى ما دون رجعة…
أسرد واقعتين، كما أحاول عدم السقوط في وصف المشكل دون ذكر بدائل:
- الحالة الأولى: أعرف شابا محترما مثقفا متزنا كتب يوما رأيه على موضوع نشر في منتدى محترم في اسمه، ونحن كما نعلم أن المنتدى مكان لإبداء الرأي بحرية دون الخروج عن النص، فبعدما كتب الشاب مداخلته – وقد قرأتها – وأعدت القراءة فما وجدت فيها إلا ما هو منطقي مع أنها خالفت صاحب الموضوع لكن كاتبها يفاجأ بعد مدة برد غريب طويل من شاب آخر بعبارت جارحة حيث أعلن الحرب عليه علانية … للأسف. ولا أضيف أن الإدارة لم تحرك ساكنا فهذا موضوع آخر.
لو وضعنا مقارنة بين كاتب الرد الأول والثاني وكلاهما أعرفهما فالأول درس وتخصّص وما كتب إلا رأيه دون أي كلمة خارجة عن الموضوع، أما الثاني فهو يصغره سنا بكثير وعلما بأكثر وما أدلّ على ذلك لسانه الذي ترجمته يداه في لوحة المفاتيح. فمثل هذه المواقف تجعل من -الصالحين- في المنتديات يتركون الساحة لغيرهم فيهوي ذلك المنتدى في دركات لا أسفل لها.
- الحل: على الإدارة الحزم في مثل هذه المواقف، وتسليط الرقابة قدر المستطاع، بتعيين مشرفين مقتدرين لا عن طريق الصداقة والقرابة، كما تمنع طرح المواضيع بأي طريقة دون معرفة صاحبها وقدره من الاطلاع.
- الحالة الثانية: كان صديق لي مشارك في منتدى له سمعة طيبة على مستوى عال، لكن وأي سمعة، فلا تقاس المنتديات بالإقبال عليها، وإلا لكانت مواقع الغناء والفسق أولى بذلك. المنتدى رغم توفره على كم من المعلومات في تخصصات عدّة كان فيه من هبّ ودب، وكانت نية صديقي التغيير والتأثير في المنتدى، فكانت الخطوات الأولى بالمشاركة القيّمة والهادفة إلى أن لاقى إعجاب الإدارة فأصبحت تستشيره وتسأل عنه إن غاب، مع ما وجد من معارضة – وهذا حال كل من سار طريق الصلاح – من بعض الأعضاء، كانت مشاركاته في قسم معين بالمنتدى، وأحيانا تصله رسائل خاصة من أعضاء يسألونه عن سرّ عدم مشاركته بالردود أو المواضيع في أقسامهم مثل الغناء والفنانين والفسقة…. أحيانا يعتمد أسلوب الدعوة في ردوده وأحيانا يلتزم الصمت.
مرت الأيام وهو يوجه اقتراحات للإدارة بتصفية المنتدى مما ينافي الدين مع توفر أقسام بعنوان “الشريعة الإسلامية” وهذا هو التناقض، فكان إجماعهم على إمكانية ذلك لكن خوفهم من فقدان الإقبال على المنتدى منعهم من ذلك!!
تم تعيين الصديق مشرفا على قسم التصميم والإبداع فعاهد نفسه على إصلاحه وتنقيته من الصور والتصاميم التي لا توافق توجهه وتدينه، ولكن كيف الطريقة؟ أدرج مواضيع تحث على التصميم لغرض رسالة هادفة، والابتعاد عن صور الفنانين والأفلام و…إلخ، كان صديقي مشرفا على قسمه فأقام القانون بحذافيره بحذف المواضيع المخالفة كما سماها في قانون القسم لما أدرجه، كان يقضي وقتا طويلا يحذف المواضيع والردود مع ما يلاقيه من رسائل وعيد وتهديد وسب، وبعد مدة طلب العون من الإدارة والمشرفين لكن كان أول مخالفيه من المشرفين، وحدث أن تم تعيين أحدهم نائبا لمدير المنتدى، إلى هنا شعر صديقي بأوان الانسحاب لأن تحقيق هدفه يتطلب جهد فريق عمل وليس جهد فردي مقابل الآلاف من الأعضاء.
أعلن انسحابه وأيقن أنه لم يكن يستفيد كمشرف كما كان كعضو، لأنه كعضو يدخل المنتدى ويطالع الجديد ويتجول بين الأقسام ولا يهمه المخالفين ولا الموافقين، أما مهمة الإشراف فهي تأخذ منه الجهد والوقت وتتطلب منه التجلد والتصدي لريح المعارضة، فما ألجأه لهذا؟ فله ما يتعب عليه والميدان فسيح… وحتما خسره المنتدى وأمثاله كثيرا.
- الحل: الدخول في معترك الإصلاح في المنتديات ليس سهلا، ولكن ممكنا فلأن يهدي الله على يدك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس، ولكن نوصي بالتدرج ومثالنا على ذلك ما قصّه على صديقي يوما مع عضو مصمم في المنتدى الذي كان عليه كلامنا، فهذا العضو منحل أخلاقيا بردوده غير المؤدبة وتصاميمه المائعة، وصورته الشخصية المخالفة وتوقيعه المستورد معلبا، فمن أين يبدأ؟ أولا راسل ذلك العضو وشكره على موضوع هادف نشره كان من بين المئات غير الهادفة، رد ذلك العضو بكل أدب وفرح للتهنئة على إدراجه الصائب هذه المرة، وبدأت الرسالة تتلو الأخرى وفي كل مرة يتغير شيء إلى أن أصبح ذلك العضو بتوقيع مفيد وصورة شخصية لائقة جميلة وردود مؤدبة ومواضيع صالحة قيّمة، ولم يكن ينفع هذا لولا التدرج في الدعوة لأن الدعوة في الأنترنت تختلف عن اللقاء المباشر وفي هذا الموضوع مقالات أخرى لاحقا إن شاء الله.
أكتفي بهذا القدر من الحالتين، فهناك الكثير لنتحدث فيه ونطرح البدائل والحلول كذكر المصادر، ومصداقية المعلومة، وأمور في إدارة وتسيير المنتديات… وإلى ذلكم الحين أستوعدكم الله والسلام.
Comments (4)
لك الحق فيما قلت اخي العزيز , مثل هذه العينات من الناس و مثل هاته التفاهات التي تحدث في المنتديات جعلتني أبتعد عنها و لا أشارك فيها فقط اكتفي ببعض المنتديات التي تفيدني !
و صدق محمد شاطر لما قال ان الأطفال الذي أصبحوا يستعملون المنتديات بكثرة هم من افسدها !
لكن مع ذلك نترك مجالا ولو صغيرا للمنتديات الهادفة، فيوجد منها ما ينفعنا ويزيد فينا.
تدوينة مفيدو ذات طرح جديد..
هناك نقطة لا أوافقك تماما عليها وهي:
“إنما الذي غير هذه المنتديات هو الجيل الجديد من الأطفال ، الذين لا يعرفون لا إثبات حقوق ملكية، ولا تقدير مجهودات الغير”
لأني أرى كثيرا من المنتديات تافهة وكل ما فيها منقول مع أن أعضائها في 30 وما فوق
وللأسف حتى المنتديات الإسلامية أصيبت بمرض المنقول
لكن باقي التدوينة راائعة .. فشكرا لك
نعم عندك حق، شكرا