ربما تصلح لتكون خلاصة لقاء جمعني بصديق وفيّ مخلص حمل همّ المجتمع من أحد أبوابه المهجورة، معرضا حياته وسمعته للخطر، وهل في الحياة الاجتماعية أغلى وأثمن من السمعة؟!
الإصلاح الاجتماعي والإرشاد الأسري والأخذ بيد من اتخذ -أو كاد- مسلكا خاصا غير مألوف، صار موضة ودورا مبتذلا يحمل لواءه كل من آنس من نفسه ميلا لبذل عواطفه ملونة منكسرة لغيره ممن هم خارج دائرة مسؤوليته غالبا، مع سخاء معتبر في الجرعات عندما يتعلق الأمر بالجنس الآخر!
الانحراف المنطلق من العالم الافتراضي لم يعد علامة مسجلة حصرية عند الشباب اليافع، بل هي ظاهرة تحرص على دس نفسها خلف المظاهر الخادعة ما استطاعت، لا تعترف بالأعمار، ولا بالمستوى المعرفي ولا الثقافي ولا حتى بطول اللحى وقصرها، ولا بلون الحجاب وشكله، ظاهرة عنوانها الفضول، دافعها الانتقام من وضع معين، وقودها انهيار القدوات، لهيبها الإهمال، شرارتها غياب الحوار واختلاف الترددات والإحداثيات.
لا أعتقد أننا بحاجة لتشخيص الداء أكثر مما هو واضح لدرجة مبالغ فيها، بينما لو ركزنا على القضية بهمة أكبر، وعالجنا أسبابها المباشرة وغير المباشرة بجرأة ودون مداهنة، لو سلمنا الأمر لأهله، لو تشجعنا أكثر وسمينا الكثير من الأشياء بمسمياتها، لو تخلصنا من عقدة الخوف من الإفصاح عن الفشل، لو تجاوزنا دق ناقوس الخطر كل مرة إلى النزول للميدان بكل ما يحمله من وخز الإبر والصبر والعنت.
ماذا لو تحول -ولو قليلا- التركيز المفرط على الشباب في التوجيه والمتابعة لدرجة المضايقة والمحاكمة، إلى أسرهم وأوليائهم فهم أولى وأكثر حاجة.