قبل أيام أتحفنا الأخ الفاضل عبيدة فخار بجملة من الكنوز والقطع الأثرية الفنية من الزمن الجميل.. شاهدتها مرارا.. ولم أشبع منها.. ولا زلت.. مثل: “آلسانغ آيابا.. آتوات طيت ن تفويت..”.
عبيدة هو ابن الشاعر الحكيم الذي أحبه وأقدره كثيرا الأستاذ عبد الوهاب ابن المرحوم الشيخ القائد حمو فخار، وهو من الشخصيات التي عاصرتها في أواخر عمرها بفضل الله وبفضل والدي حفظه الله بحكم علاقته المقربة منهم، فقد حزت حظوة حضور لقاءات ثرية رغم أن ما جاء في الكثير منها قد فاق إدراكي وأنا مجرد صبي صغير.. إلا أن وصاياهم لا زالت خالدة ماثلة أمامي أستنير بها..
هي مقطوعات فنية ممتعة استضافها صرح نادي الإصلاح العتيد بمدينة غرداية.. أعادت لي طيفا من ذكريات الطفولة العذبة بكل ما حوته من مشاهد ومواقف وأشخاص وحتى عطور وألوان.. أيام كنت أحمل فيها أحلاما بريئة وتصورات مفرطة في التفاؤل غير التي أعيشها اليوم.. أيام رأيت العالم فيها مختصر في قريتي..
قد لا يشعر بجمال تلك المقاطع إلا من عاشها وعايشها، ولا يرى فيها الكثير مما يثير الانتباه تقنيا، بما زانها من بساطة وعفوية وفق ما كان متاحا ذلك الوقت.. إلا أن ثقل الكلمات وقوة المعاني لا زالت ترن في أذني كلما استحضرت سياقها وأغمضت عيني سائحا في خيال الماضي لتبدو أمامي تلك الأمسيات الفنية التي تقام في بيتنا وفي أجنة وفيلات أحبابنا وأقاربنا يحييها ثلة من الفنانين في حضرة الشيخ عدون رحمه الله عندما ينزل علينا ضيفا عزيزا كريما في العديد من إجازات الصيف سنوات التسعينيات..
ما أجمل الذكرى حينما تتلون بروح الوفاء، وتتشكل بصدق النوايا، وتتعطر بالإخلاص.. دون تكلف ولا بهرجة.. دون إغراق في التفاصيل وإهمال للأصالة.. يعلو محياها معنى الإسهام والتدافع وترك البصمات بما توفر من وسائل..
ما أروع الماضي الجميل حينما يزور عصرنا من حين لآخر..