كتب الله لي في حياتي أن تأخذ مناسبة عيد الفطر عدة أشكال وألوان.. منها ما أتذكره ومنها ما كان مجرد مناسبة عادية ونسخة مكررة طواها النسيان..

أجمل تلك المناسبات ما أخذت طابعا خاصا، واكتست حلة مميزة، ولو تأسفنا حينها وتألمنا إذ لم تسر ظروفنا كما تمنينا، إلا أننا بعد سنوات نستحضر تلك الذكريات بكل متعة نحكيها ونرويها..

▪️ذات مرة كان العيد رفقة عائلة غير عائلتي، ومدينة غير مدينتي، أيام الدراسة في قسم القرآن الكريم.. واكتشفت حينها أجواء العيد في مدينة القرارة المضيافة..

▪️وذات عام كانت النكبة بالفيضانات وحينها كان عيدا في الوحل وبين الأنقاض.. كانت لحظات تاريخية رائعة رغم قساوتها وصعوبتها..

▪️وفي أخرى جاء العيد وكنت في الجزائر العاصمة وأخرى في اسطنبول.. بعيدا عن “أغلان” وعشت لحظات مختلفة، رأيت فيها الكثير من الجديد وما لم أعتد عليه..

▪️ولا أنس أعيادا مرت في أجواء الخوف وقلة الأمن.. توشحت المدينة الأزرق والأخضر مع الكثير من السواد عوض البياض الناصع.. أعياد كئيبة لا طعم فيها ولا شيء يوحي بمظاهر الفرحة..

▪️أما العام الماضي فقد كان العيد في منتصف رحلتي الشيقة إلى عمق أفريقيا في مهمة إنسانية لفريق “قل هذه سبيلي” وبالضبط مدينة “موانزا” في تنزانيا، وفيها وقفت على عالم آخر وعايشت عادات جديدة..

المغزى مما ذكرت أننا نحيا حياتنا ولا نعلم ماذا ينتظرنا غدا.. تأتي المناسبات لتشعرنا بقيمة الخير الذي نحياه.. لتخبرنا أن الأصل في أيام حياتنا القصيرة، تلك العلاقات الإنسانية التي ننعم بها.. فلنحسن الصحبة فيها لأنها مهما طالت سيأتي الفراق.. ولنبادر للخير فيها فهو كل ما يبقى بينما يطوى ويزول كل شيء..

وإن جاء العيد هذا العام بغير ما كنا نرجوه.. فهذه مشيئة الله وحكمته.. نسأل الله أن يزيل الوباء. ويرفع البلاء.. ويجمعنا بأحبابنا.. يعود المسافر البعيد.. ويشفى المريض.. ويجتاز كل ذو محنة محنته.. والله خير حفظا وهو أرحم الراحمين..

▫️عيد فطر سعيد وكل عام وأنتم بخير