توفر مواقع التواصل الاجتماعي في الأنترنت خدماتها بأشكال مختلفة، ولعل أكثر ما اشتهر عندنا على الأقل في الجزائر هو الفيسبوك نظرا لتناقله الكبير عبر وسائل الإعلام، وتداوله فيما بيننا بكثرة على خلاف موقع آخر لا يقل روعة وفائدة هو تويتر Twitter الذي ارتبط بالهاتف أكثر من الكمبيوتر تقريبا.

في التويتر نجد التعامل بمصطلحات جديدة غير ما ألفنا، مثل التغريد الذي لم يعد حكرا على العصافير، فحتى الإنسان يغرد في تويتر، ولأن ما يكتب فيه محدد ب 140 حرفا فقط للمشاركة الواحدة (تم التحديث إلى 250 حرفا)، فهناك نجده اسقاط مناسب جدا لفعل التغريد نظرا لعذوبة الصوت وقصر مقاطعه، بذلك يستحق التويتر أن يكون تجسيدا حقيقيا عصريا للمثل القائل: خير الكلام ما قل ودل!

يعود تأسيس منصة التدوين المصغر -كما تدعى- إلى عام 2006م وقد شهدت تطورات عدة متسارعة منذ ذلك العام إلى اليوم، فالشركة تنمو بصفة جنونية والأرقام تثبت ذلك كل مرة، ولعل من أهم أسباب ذلك فضلا عن العمل المخطط تنامي الاهتمام بظاهرة الإعلام الجديد الذي يعتبر هذا الموقع من رواده وأسسه.

العمل على تويتر مجاني وبسيط، كل ما تحتاجه هو التسجيل والبدء بنشر تحديثاتك Tweets فيه سواء كانت انطباعات أو أخبار أو تساؤلات أو إثراء لتحديثات منشورة مسبقا ممن تتابعهم، ففي التوتير الأمر مختلف عن الفيسبوك (وإن كان الفيسبوك قد وفر خاصية الاشتراك مؤخرا) حيث لا توجد صداقات وإنما متابعة Following فمن أعجبتك تغريداته تتبعته بنقرة واحدة في العادة مع أن هناك خيار يتيح لكل شخص مراجعة طلبات المتابعة أولا ثم القرار بشأنها بالموافقة أو التجاهل.

لتويتر مصطلحات خاصة به يجدر بك التعرف عليها كي يسهل لك التفاعل فيه، مثل “الهاشتاق” Hashtags فهو فكرة مميزة للتغريد في موضوع محدد، مثلا لو نشرت تغريدة حول موضوع سياحي، وأردت أن يطلع عليه كل مهتم بذلك التخصص فقط عليك أن ترفق في آخر تغريدتك هاشتاق يرمز لذلك كأن تكتب: Tourisme#، أو أردت متابعة من يغرد حول ذلك الموضوع فقط اكتب ذلك الهاش تاق في مكان البحث أعلى الصفحة وقم بمتابعة التحديثات.

كما يوفر تويتر ميزة المراسلات الخفية (الرسائل النصية SMS) بين المشتركين والتي تتطلب أن يكون من تود مراسلته متابعا لك أيضا مع طول الرسالة الذي لا يتعدى 140 حرفا، أما إن نشرت تغريدة موجهة لشخص مباشرة كرد على تغريدة له، أو طلب أو غيره فعليك أن تكتب (@) قبل اسمه في تغريدتك لتصل له التغريدة كتنبيه عن أن أحدا قد ذكره (Mentions)، أما الرتويت Retweet أو RT كما يصطلح في التويتر، فهو إعادة التغريد لمنشور كتبته أو كتبه غيرك إما إعجابا به أو تمريرا لطلب منه أو نداء كي يصل لمن يتابعك أيضا، وهناك القوائم التي تحفظها لمغردين تجمعهم صلة معينة كالتخصص أو البلد مثلا، وتتيح القائمة للجميع أو تتركها خاصة بك.

من خلال تجربتي القصيرة في تويتر أحسست بجديته واحترافيته أكثر من الفيسبوك، فقد لاحظت مرارا ذلك الفرق الشاسع في مستوى الطرح لنفس الموضوع بينهما، لأن طريقته “المملة” في عرض التغريدات (مجرد عبارات متراكمة!) في نظر من يود استعماله كوسيلة ترفيهية فقط تجعله يختار الفيسبوك ويحجم عنه، وذلك ما يفسره أيضا الفرق الكبير بين عدد مستخدمي فيسبوك (أكثر من 800 مليون) مقارنة يتويتر ( أكثر من 100 مليون) على الأقل خلال هذا العام 2011م، مع أنه في قادم الأيام لا ندري ما سيحصل، فلكل منهما فريق عمل لا يدخر جهدا في التطوير والنمو.

أما عربيا فلازال تويتر لم يصدر لحد الآن بواجهة عربية، فلم تدرج إلا الإمارات العربية المتحدة كدولة عربية في قائمة Trends التي تتوفر على عدد من دول العالم، مع وجود خطوات طيبة لعل أبرزها مبادرة سفراء التغريد العربي (حسابهم في تويتر taghreedat@) بتنظيم ملتقى المغردين العرب في الدوحة يوم أمس السبت 22 أكتوبر 2011م بحضور أكثر من 300 ناشط عربي في تويتر من 9 دول عربية، وبرعاية ودعم من جامعة قطر وقناة الجزيرة مباشر وغيرهما من الشركات.

ولعل أبرز ما جاء فيه كتوصية إطلاق مبادرة تعريب تويتر بشكل رسمي بتدشين الموقع الإلكتروني للمبادرة، على أن يكون العمل تطوعيا بالقيام بتعبئة نموذج الاشتراك في المشروع وتتبع الخطوات المبينة في الموقع.

في الجزائر التويتر لازال في مراحله الأولى، ولعل غياب خدمة الجيل الثالث في الهواتف النقالة من أهم الأسباب لذلك الفتور فيه، ففي إحصائية صدرت شهر جانفي الماضي حسب مجلة (jam-mag) كانت الجزائر في المرتبة 99 من أصل 115 دولة من حيث عدد مستخدمي تويتر! فيما لا يتعدى الرقم سوى بضع آلاف فقط.

  • لماذا أنصحك بفتح حساب في تويتر؟

أدعو كل من هدفه الوصول للمعلومة بدقة وسرعة، أن يكون من مستعملي تويتر، وهذا هو جوهره مقارنة بالفيسبوك، فدون إهمال لدور الفيسبوك، ودون الحط منه فمجرد المقارنة بينهما لا تصح لكون كل منهما يكمل الآخر ويوازيه دون أن ينافسه، فتويتر موقع يجعلك متواصلا بصفة مباشرة مع أصحاب مجالك وتخصصك، تتبادل معهم المعلومة، تسأل، تجيب، ترشد…إلخ.

لا أدعي أن تويتر محيط خال من السلبيات وما هو مزعج، فهذا غير معقول تماما، وإنما لكل أداة هناك سوء استعمال من فئة لابد أن تكون، فهناك تغريدات فارغة بفراغ عقول أصحابها، وهناك سرعة تناقل للإشاعات المغرضة والأخبار المغلوطة بسرعة الرتويت (RT+) وهكذا… إنما بكبسة رز تختار (متابعة Follow) وبأخرى تقرر (عدم متابعة UnFollow) وهنا يكمن سره، وتتجلى فائدته.

تويتر من جهة أخرى قد كان منبرا لتوجيه نداءات استغاثة كثيرة لسهولة استعماله من الهاتف النقال (في بلاد أخرى غيرنا!) ففي الفيضانات، والحروب، وحتى في حالة انسداد الطرق بفعل الزحام، أو ضياع شخص في منطقة ما كما حدث في السعودية يوما ما هنا أو هنا.

هذه مقالة مبسطة لعديد الطلبات التي وصلتني تسألني عن التويتر والفرق بينه وبين غيره، خاصة لما أفردت ثلاث مقالات تحدثت فيها عن الفيسبوك (1، 2، 3)، فأرجو أن أكون موفقا في طرحي لهذا الموضوع المترامي الواسع غير مناقض لماجاء في عنوانه مما قل ودل!

  • أذكرك بحسابي على تويتر: djaberhadboune@ للتواصل والإستفادة منك ولم لا ربما الإفادة!
  • أوجهك لمقالات أخرى حول الموضوع “دروس من قصة تأسيس تويتر” (1) (2) (3)، للأخ رؤوف شبابك.