يحيا الإنسان بأفكاره التي يحملها، وقيمه التي يتمثلها واقعا في مختلف علاقاته، بأخلاقه التي يتصرف بها، والتزاماته التي يتعهد بها، فإن تحكم في زمام أمره نجا وتفوق، وإن عاش عابثا فإنه سيجني الخيبات ويتعثر في أبسط العقبات.
ثقافة العقود في عالم الأعمال هي إرساء للالتزامات بين الأطراف على أرضية خصبة للإبداع والانطلاق نحو الفعل، إن غابت صار كل وعد مجرد حكاية تروى، وكل هدف لا يعدو أن يكون سوى حلم جميل لا يغادر ألسنة أصحابه ومخيلاتهم.

التفوق وتجسيد الأفكار يتطلبان قاعدة متينة من الوضوح في المهام والأدوار، واتفاقا صريحا يرسم أبرز معالم العلاقة بين الأطراف، قد لا يترجم في الأوراق بكل تفاصيله، إنما يكفي أن يعتبر وعدا والتزاما متجذرا لا يتم القفز عليه ولا التخلي بسهولة.

توثيق العقد ضروري بهدف العودة إليه كوثيقة مرجعية في حال أي لبس أو خلاف، لا لكونه ضمانا لعدم الوقوع في الاحتيال، لأن المحتال إن عزم على الكيد سيجد أكثر من سبيل لذلك، إلا إن كانت للعقد خلفية قانونية حقيقية فهنا قد يصبح له دور الحماية.

العقد مسؤولية والتزام شرفي قبل أن يكون حبرا على الورق، الوعي الجماعي به يجنّب المشاريع الكثير من هدر الوقت، سواء في تأسيسه، أو صيانته، أو معالجة آثار خرقه وعدم الوفاء به، هو ثقافة وتربية ينشأ عليها الإنسان الحر الفطن الفعّال.