في رحلة البحث عن الذات يهتم الإنسان بتجارب غيره ويشده لذلك فضوله غالبا، فهو يبحث عن موقعه ومكانته بين تلك التجارب، ويجتهد لبلوغ ما هو أفضل، ويحرص على تفادي ما هو أقل، مع شعوره بنوع من التوتر تجاه ما يفوقه أو ينافسه ونوع من الراحة مقابل ما دونه.
السفر مدرسة تبدأ دروسها منذ لحظة مغادرة البيئة المألوفة لغيرها مما هو مجهول بداية إلى لحظة العودة، مدرسة باكتشاف الجديد في كل لحظة مقارنة بالرتابة والألفة التي يعيشها المسافر في بلده، هي مدرسة كذلك لتعلم الاعتماد على النفس وفك عقد الحياة بكل شجاعة باعتبار ندرة الحلول وقلة الدعم والسند.
السفر فرصة لاختبار الظنون ووضعها موضع اليقين، وفرصة لفرز الكثير من القناعات وترتيبها في العقل لتؤدي دور التحليل وتوليد الإجابات الصائبة تجاه ما يردها من أسئلة وإشكالات، فالإنسان الواعي دائم التفكير لحد الحيرة، والأسفار تقرب له البعيد وتوضح الغامض وتبسط المعقد.
لا يحتاج السفر للكثير من المال كما يتصور من لم يخض تجاربه، بينما يحتاج للكثير من الرأي السديد، والتخطيط المحكم، وجرعات معتبرة من المغامرة بشجاعة وإقدام.