يقيس الإنسان تقدم وتيرة جهوده وإنجازاته بعدة معايير، ومن خلال أكثر من زاوية، لعل أهمها مقارنته بوسائل ونتائج غيره مما حوله، مما يولد لديه حرصا أكبر على بلوغ المزيد من الأهداف، يقوده في ذلك الشغف نحو الكمال.

اقتداء الإنسان بالأفضل وصفة فعالة للإقدام على تحديات أفضل، واكتشاف المستوى الذي بلغه وإدراك ما ينتظر منه منهج مفيد لتحقيق القيمة المضافة باستمرار، والأهم من كل ذلك وجود متسابقين آخرين في مضمار المنافسة يمدونه بالنفَس ويمنعونه من الركون والخمول.

التنافس في نفس التخصص عامل من عوامل تحقيق درجات عالية من الجودة، وليست مؤشرا مقلقا يضيق به الرزق، فزمن النموذج الواحد، والاحتمال الأوحد، والخيار الوحيد قد ولى، وحل محله الإبداع في الوسائل والآليات وحتى النتائج، كضرورة للبقاء في الحلبة.

للمنافسة أخلاق ومبادئ يحكمها قانون أعلى ويحميها، وإلا صارت معركة غير متكافئة يسود فيها القوي ويغرق الضعيف دون اعتبار للصواب والصلاح والأصالة، وهذا خلل لا يؤدي إلا للمزيد من الاحتقان والظلم والاحتيال فضلا عن تفشي الرداءة والرتابة.