يؤدي الإنسان في حياته أدوارا ويقوم بمهام يستفيد منها ما يعادلها أو أقل أو أكثر من المال والخبرة والحظوة، فهو يقدر جهده ووقته وكفاءته ويقيمها بمعيار العائد منها في غالب الأحيان، ويبذلها أحيانا أخرى تطوعا بسخاء دون أي مقابل.
حاجة الإنسان واحتمال تبادل الأدوار وزوال نعمه وتغير حاله، يفرض عليه السعي في الخير خدمة لغيره، فهو يعيش ليسعد نفسه ولكنه يجد سعادته الحقيقية في إسعاد من هم أكثر حاجة، يتفاعل بحماس ودوافع إرادية لتحقيق مآرب من حوله دون انتظار لمكاسب مادية محددة.
يأتي التطوع والعطاء أيضا كرد وعرفان بالجميل وسداد دَين يفرضه تعاقد عرفي شخصي أو اجتماعي، فصاحبه بذلك يمرر قيَما لمن يأتي بعده، ويسهم في استمراريتها كحالة ذهنية وعادة أصيلة ضمن العادات الإيجابية التي تثري رصيد المجتمع في تكافله وتضامنه.
عندما يتطوع الإنسان بصدق فهو في رحلة روحية ممتعة تتجاوز منطق الأشياء، لغتها الإنسانية، وجماليتها الإحسان، تحكمها جودة النتائج، وتسيرها الرغبة في بذل الوسع وإتقان الأداء.