يتصفح الواحد منا مجموعات الفيسبوك وصفحاتها ويلاقي أنواعا من المتحاورين وصنوفا من المواضيع والقضايا، يطرحها صاحبها منتظرا وجهات نظر موافقة أم مخالفة وهي سنة الله في الخلق، إلا أن المصيبة في أغلبيتها العظمى خروج عن النص، وقفز للحواجز وتعدّ على الأخلاقيات.

هكذا أصبح المثقف الواعي يتوجس خيفة من أي خوض في حوار ما، أو مجرد طرح فكرته ليلاقي كل أنواع الاتهام والتسفيه أحيانا من أشخاص لا يعرفهم وليس بينه وبينهم إلا ذلك الموضوع، وبالتعقيب الأول والثاني تجد الثالث انحرف عن جادة الموضوع ووصل إلى تخصصات أخرى تبعد آلاف الأميال عن المنطلق الأول، مما يعجل بتسرب واضح لكل غيور له ما يهتم به غير تضييع وقته هناك مع من لا يتحمله ولا يفهمه.

فعلا تفقد هناك شيئا يقال له المنهجية، أو العقلانية أو الحكمة في تناول القضايا، فمن يقرأ حرفا من القضية المطروحة يكتب تعقيبا عنها قصة، ومن يكمل السطر الأول لايواصل التالي إلا ولعاب الهجوم يسيل منه، فينكب على لوحة مفاتيحه يأكلها أكلا، ولا يبالي بأي فروق عمرية، أو مستويات علمية، أو حتى مراعاة لتباينات جنسية أو أخرى تتعلق بالبيئة والمحيط.

صارت مجموعات الفيسبوك التي تنطلق بشكل إيجابي جيد أول مسيرتها، مرتعا للشكوى وكل ما هو سلبي بذريعة الغيرة على المجتمع، فتحس مع مرور الأيام وكأن الدنيا اسودت بكل ما يزيد الناس قنوطا ويأسا، فأي غيرة هذه؟ لماذا كل هذه السلبية في خطاباتنا، بل الأخطر أن ترمى النوايا وتتهم الأعراض وتذاع الشائعات لا لشيء سوى للتحريض والتخريب!

هل هناك أمل من حوارت جادة في فيسبوك؟ شخصيا لا أرى ذلك ممكنا إلا بالتحكم في سير الحوارات وهذا صعب جدا وغير معقول غالبا، بينما يمكن ذلك بمجموعة مسيرين لا واحد فقط يتفقون فيما بينهم ثم مع المشاركين الأعضاء على جملة ضوابط تحفظ لكل طرف حقه وتوفر محيطا آمنا يتسم بالجدية والفائدة والمنفعة للجميع، وهذا موجود ولله الحمد في بعض المجموعات المحترمة النادرة.

اعلم أخي واعلمي أختي أن كل حرف كتبته إما لك وإما عليك، ووقتك نفيس فلا تضيعه في لهو الجدال ومتعة المراء، ولك أن تختار لنفسك ما تراه الأنفع والأجدى.

مقالة منشورة في موقع: مزاب ميديا