خلق الله الإنسان فأحسن خلقه وهداه السبيل ليكون شاكرا أو كافرا، ومنحه عديد الصفات التي يشترك فيها مع كل الناس، كما اختصه ببعضها ليمتاز بها بدرجة متفاوتة مقارنة بمن حوله.
هذا الاختلاف في المدارك والمواهب ينتج اختلافا في التصورات والسلوك، مما يوافق صنف من الناس غيره ويخالف صنف آخر فيظهر التباين وتحدث الاختلالات، فهنا على الإنسان أن يرسم علاقته بمن حوله ويتصرف وفقها، وذلك من خلال الوعي بواجباته تجاهه، وحقوقه منه، وهل هو ممن تجب معاملته أو هو ممن يستحسن ذلك فقط أو ممن يجب النفور منه أساسا.
ذلك الآخر قد يعتبره شخص ما مجرد رقم يضاف لعدد البشر في العالم، وقد يراه غيره فرصة للإحسان وجب الظفر منها، وقد يعتبره آخر مصدر تهديد له وجبت محاربته، وقد يراه كذلك نوع آخر من الناس مذنبا في حقه بسبب أخطاء وقع فيها آباؤه أو أجداده وجبت خصومته، وقد يرى الموظف مثلا كآلة وجب استنزاف طاقتها فهو مأجور.
عادة ما يوزن ويقيّم الإنسان بناء على علمه أو عمله أو لونه أو لغته أو ديانته ومعتقده أو موطنه…، وكلها احتمالات لتحديد المسافة والحكم على ضوئها واتخاذ المواقف تجاه ذلك الإنسان، فهل في رأيك معايير الناس لرسم معالم أي علاقة كلها مشتركة واحدة؟
التطبيق العملي: حدد بينك وبين نفسك سرا قائمة من الناس من كل العلاقات وتأمل المسافة المعنوية بينكما، وتفكر في أسباب قربهم أو بعدهم عنك.