غريزة التعلق في الإنسان تجعله يبحث حوله عن كل ما قد يوفر له قدرا من الحماية والأمان ولو كان أمرا معنويا ومجرد فكرة تريحه، فالأسئلة الوجودية تطارده وتهز كيانه كلما ازداد تجاهلا لها، ومن بينها ما تعلق بالانتماء، فهو يبحث عن هويته ويستدعي في ذلك البحث عن الوطن.
حدود الوطن ترسمها عدة اعتبارات إنسانية ودينية وعرقية وسياسية… وبين هذه وتلك الدائرة تعلو وتنخفض وتيرة الاعتزاز أو الخيبة وتظهر من خلال القناعات والكلمات وضبط المصطلحات والأولويات، وفي هذه التداخلات تنشب الخلافات وتنمو الفجوات وترمى التهم.
الوطن الحقيقي كالأم في حنانها، نبادله الحب ويبادلنا، وبلغة العصر له علينا حقوق ولنا تجاهه واجبات، فإن اختل الميزان وغابت المصلحة صار عبئا يقصم الظهر ويستنزف الجهد ويسبب تعبا نفسيا مرهقا، يتحين صاحبه أول فرصة للانسحاب والهروب بحثا عن حال أفضل.
الهجرة الذهنية والانسحاب الوجداني أخطر ما يصيب الإنسان في وطنه، فلا هو انتقل ليبدع ولا هو بقي ليمارس دوره المنتظر منه، القرار يحتاج لشجاعة في التفكير وقدرة على تحمل مسؤولية أي نتيجة، والناس في هذه متمنعون وهم راغبون، ينتظرون من يبادر ليقتدوا إن وجد الوصفة المثلى.
التطبيق العملي: ما هو الوطن بالنسبة لك؟ ما حدوده؟ هل أنت مقتنع به كوطن؟ ماذا تشكل لك الدوائر الأخرى؟ حاور نفسك في هذه الاسئلة وركز على “لماذا؟”.