قد يخفي الإنسان بعضا من طموحاته ودوافعه الداخلية التي يحقق بها ذاته، إلا أنه لا يمكن أن ينكر ميوله لتحمل المسؤوليات بألوانها وأحجامها، فهو عادة لا يبحث عنها لما فيها من واجبات بقدر ما يرمي من ورائها للتشريف ومكتسبات أخرى، بينما يفرض واقعه مقاومة لرغباته تلك.
المسؤولية أمانة تبدأ من النفس وتمتد لغيرها من الأدوار المحتملة من أصغر دائرة تأثير لأكبرها، وبما أن لكل مسؤولية ضريبتها فكذلك يمكن إحصاء مكتسباتها، وكلما زاد الأول زاد الأخير في علاقة آلية، فلا شيء يأتي دون دفع ثمنه، وكل نتيجة مشرقة تخفي وراءها جهودا محرقة.
هذا ما ينبغي أن يكون، وذلك ما على الإنسان أن يقرر على ضوئه، بينما نرى في واقع الحال أن الأمور لا تجري كل مرة كما يجب لها، فاللهث وراء المسؤولية دون كفاءة حقيقية إشكال، والهروب منها مع امتلاك كل مقوماتها إشكال آخر لا يقل خطرا من سابقه.
القرار بنعم أو لا، والقبول أو الرفض أو حتى الانسحاب في أوانه، ليست قرارا من جهة واحدة فقط، بل هي دراسة للعواقب وتأمل في المآلات وقرار حازم من ذوي الحقوق، وكم ضاعت المصالح وخابت الآمال بسبب خلل في فهم وإدراك معنى المسؤولية.