بكل واقعية وبشيء من الحزم والصرامة فيما يتعلق بالحديث عن حلم تأسيس المشاريع وإدارتها، ربحية كانت أم خيرية، قد يكون ما ستقرأه مما لا يعجبك، خصوصا إن كنت ممن لم يجرب ولم يذق، فعذرك معك.
الملاحظ في هذا السياق هو تغليب لغة التحفيز وأن “الحياة حلوة” وكيف أن ريادة المشاريع تصوّر بتقنية فائقة الجودة، وهي عبارة عن سهول خصبة خضراء ترتع فيها بعض الأبقار المكتنزة لحما، الغزيرة لبنا صافيا نقيا، يكفي أن يشار إليها لتقصد اسطبلاتها المكيفة وتدر فيها حليبها مبتسمة طائعة.
من زاوية أخرى يشار لحياة الوظيفة بكل أوصاف الاستعباد القاتمة، وتسلب منها أي متعة وفائدة، ومن رأى غير ذلك فهو واهم لم يفهم بعد، أو حاسد قد اكتشف كنزا لا يريد لأحد أن يشاركه فيه.
التحديات والمحاولة والمثابرة جزء من الحياة لا تنفك عنها في أي ركن منها أو مدخل فيها، نشعر فيها أحيانا أن كل شيء يسير ضدنا، ولا أمل من التقدم، ولا مؤشر لأي نجاح في الأفق، الحياة عنوانها التحمل، وطول النفس، االحياة لا تحب المستعجلين والمتكاسلين.
بذل الجهد في استيعاب المجال من المدخل المعرفي النظري ضروري جدا، إلا أنه لا يكف، لا يصبح الإنسان خبيرا في ريادة المشاريع ما لم يجرب بنفسه، ما لم يختبر، ما لم يتجرع شعور الخيبة، ما لم يفشل، ما لم يكتشف المجال من كل جوانبه وأبعاده ويتعنى في سبيل ذلك ويتعب.
أما غير ذلك، فدعنا نستمتع بقصاصات الناجحين الوردية، التي يتشاركها رواد شبكات التواصل الاجتماعي وكلهم أمل في امتلاك عصا سحرية تقلب حياتهم الرتيبة رأسا على عقب.