ما أصعب الاختيار بماذا أبدأ، وبين يدي قائمة لا حدود لها ممن وما سأكتب عنه هذه الحلقات، بما أن قيمة الشكر والاعتراف بالجميل من أنبل ما على الإنسان اللبيب أن يهتم به ويرعاه بصدق ذاتي دون تكلف.. التفتّ يمينا وشمالا، ورأيت من واجبي أن أبدأ.. ليس انتقاء ولا إقرارا بالأهمية وإنما لكل من سيأتي دوره في هذه السلسلة نصيبه ومقامه وقدره من الحب والامتنان..

كل أسرة تعيش هذه الأيام واقعها الجديد في ظل إغلاق المدارس، هذا الواقع أفرز عدة انعكاسات أثرت في العمق على الأم والأب والأبناء، وعلى المعلم والمعلمة وإدارات المدارس.. اليوم صرنا أقرب لفهم دور المعلم المربي ومعاناته ومدى إخلاصه ولم نكن بالأمس ربما نشعر بذلك، أو لم نرد أن نشعر.. وكذلك بتنا أقرب لفهم دور الأسرة الجوهري في عملية التنشئة والتكوين وما المدرسة سوى رافد من الروافد، واحتمال من بين الاحتمالات، إلا أننا اعتدنا على ما اعتاد عليه الناس وألفنا ما ألفوا..

في تواصلي واتصالاتي، وفي قراءتي ومشاهداتي لمست ذلك التأثر البالغ من المعلمين حينما تأكد لديهم قرار عدم عودتهم للمدرسة بعد نهاية عطلة تم تمديدها من بدايتها على غير العادة، وعدم تحديد نهايتها.. تأثر نفسي قابله تحمل المسؤولية في البحث والسؤال والاهتمام بإبداع بأبنائنا وهم في البيوت يتابعونهم ويبذلون كل ما بوسعهم ليستمر التعلم ولو توقف التعليم..

إلى كل معلم مربي يشهد هذه الأيام تحولا جذريا في مفاهيم وظيفته ودوره، أتقدم لك بالدعاء الخالص ليزيدك الله قوة وتماسكا تتحمل بهما عبء التغيير، وتتأقلم مع الواقع الجديد، وإنها مجرد مرحلة ستكتشف فيها ذاتك أكثر، وفرصة لتلتفت لنفسك ومهاراتك تنميها معرفيا وتقنيا أو تقوم بتحديثها، ولطالما كنت شمعة تحترق ذائبا لتنير غيرك..

شكر خالص مخلص لكل معلم درسني، وعلمني، ورباني، وصاحبني، وأشرف علي، ووجهني، وأرشدني، وأنار دربي.. ممن مضى أو هو معي الآن أو سيأتي.. وكم في الحياة من معلمين لو فقهنا وأدركنا..