كتب عنه الأدباء، وتغزّل به الشعراء، نطق منه الحكماء، وتغنّى فيه الأصدقاء، أنيس ممتع في وحدتنا ورفيق خفيف في أسفارنا، الوقت معه ثمين، والفائدة منه غزيرة، يروي الظمأ لفترة، ويشبع الجوع للحظة، ثمّ ما نلبث أن نطلبه ثانيّة، وثالثة…، هو أعزّ الأصحاب، وأوفاهم… هو الكتاب.

لا أتحدّث بتلك اللغة ترفا واختيارا، إنّما كان الظرف حتميّا لأصفه بذلك، فقد جرّبت معه -ولا أزال- مسيرة حافلة مميّزة، وجدتني فيها متلهّفا لقراءة كتب تلو الأخرى، أختار منها ما يجذبني، فلا أفارقها إلّا بآخر حرف منها، مع جملة أسئلة محيّرة، حسبتني أجد ضالّتي فيها، إلّا أنّي ازددت جهلا على جهلي في كلّ مرّة.

قراءة الكتب تجعلك إنسانا مثقّفا، وتحليل ما جاء فيها تحليلا علميّا يصيّر منك واعيا أو سائرا في سبيل الوعي، فاتّخذ لنفسك كتابا، وابدأ رحلة التعلّم والبحث فيما أهمّك واستثار ذهنك، بهذا تحرّك عقلك ليفكّر، وإن تحرّك العقل تحرّر وانطلق.

اتّخذ للكتاب نصيبا في حياتك، أو الجأ إليه في أوقات الانتظار -وما أكثرها-، فهي تكون مملّة إن شئنا، وممتعة إن رافقَنا فيها الكتاب، حتّى نكون متشوّقين لكي ننتظر، ففي انتظارنا حينها فرصة للغوص عميقا بين المرجان وروائع اللؤلؤ والجواهر.

 ما تطعّمـــت لذّة الــــعيش  حــتّى         صرت في وحدتي لكتبي جليسا

ليس عندي شيء أجلّ من العلم       فلا    أبتغـــــي    ســـواه     أنيـسا

أبو الحسن الجرجاني