وردت وترد إلي -بحكم الاهتمام- الكثير من المراسلات والاستشارات والوقائع وطلب الوساطة في موضوع علاقتنا بالفيسبوك أشخاصا وأسرا ومجتمعا، وبين ناقم وناقد وبين منبهر ومبتدئ، وبين ساذج غافل، وبين ضحية مصدومة ومجرم نادم، وبين مخطئ تائب ومن في طريق الندم وتصحيح المسار… لا زالت العلاقة غامضة أخلاقيا وفكريا وتقنيا.
من هنا فكرت في إنشاء مجموعة فيسبوكية تضم نخبة من المؤثّرين ممن يملكون في يدهم سلطة تربوية واجتماعية بالأساس (التعليم، الجمعيات) لتوفير بيئة تواصل وتبادل معهم وإمدادهم بأفضل الوصفات والمهارات والتوصيات للتعامل مع طلبتهم ومن هم تحت مسؤوليتهم في هذه المواضيع المستجدة التي تحتاج للعمل والجهد الجماعي، فضلا عن الحكمة والحنكة في التعامل مع المستجدات والمنزلقات.
في المجموعة يتم تحليل الحالات والوقائع تحليلا علميا من عدة زوايا حسب تخصصات الأعضاء المشاركين، وفيها يتم اقتراح الحلول واختبارها ميدانيا ثم تعميمها إن كانت ناجحة أو إعادة النظر فيها في حال الإخفاق والفشل، كما ستكون المجموعة أيضا منطلقا للنزول للواقع بمحاضرات وندوات ولقاءات فردية أو جماعية مع المعنيين بالظاهرة من مختلف فئات المجتمع ومؤسساته.
مع الحرص على عدة مبادئ هامة كسرية المعلومة ومستوى معتبر من الثقة المتبادلة بين الباحثين، فالمهمة سامية والمقصد نبيل إن شاء الله، وشعارنا في هذا قوله تعالى: “إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ”(88) هود
ومما لاحظنا فيما سبق وقد أخذت الأبعاد تكبر والإشكالات تتعمق وتأخذ اتجاهات غير طبيعية ذلك الخلل في ضبط العلاقات وإدارتها بما يخدم صاحبها، فطال التهديد خصوصية الفرد ثم الأسرة ثم المجتمع، وسقط بعض الناس في فخ الابتزاز والمساومات بسبب أخطاء ساذجة كانت أغلبها نتيجة “فضول” الإنسان ورغبته لاكتشاف تجارب جديدة وخوض مسارات كانت ممنوعة لكن مرغوبة… وغيرها من الإشكالات التي جاءت كطوفان جارف لا زال يحصد كل يوم ضحاياه تحت شعار: “إن الطيور على أشكالها تقع”.
وللإشارة فقد سبقت تجربة في السنوات الماضية بمجموعة فيسبوكية بعنوان: “شبكات التواصل الاجتماعي تحت المجهر” وقد أسستها كلبنة لإنجاز بحث حول الموضوع بروح وقائية وذهنية استشرافية، لكن التجربة توقفت لأسباب أتحمّل مسؤوليتها كوني لم أستوف التصور الكامل للمشروع، إلا أني عدت الآن برؤية أوسع لأمضي في هذا المشوار الشائك الصعب، على أمل وضع بصمة وإضافة نوعية فيه بعون الله وفضل فريق البحث المحترم، فالمؤلف في طريق الإنجاز أسأل الله أن يوفقني لإتمامه عن قريب إن شاء الله.
بدأنا العمل وكلنا عزم لترشيد استعمال هذه التقنيات المستجدة، وتوعية مستخدميها، فوقت التجاهل وتهوين القضية قد ولّى، كما أن التهويل لا يجدي، فالمشكل أبدا ما كان في تقنية ما أو آلية أو وسيلة، إنما سوء أو حسن استعمالها من الإنسان هو الأساس، وعدم استعداده لها نفسيا وتقنيا وفكريا يجعله كمن يجري في أرضية زلقة لزجة.