فقدت الأمة رمزا من رموزها، وفجعنا بفراق شيخنا أحمد أوبكة بعد معاناة مع المرض ألمّت به لسنوات قضاها صابرا محتسبا، وبعد عقود من الجهاد بإخلاص في المجتمع مربيا موجها فاعلا في الميدان، بين التربية والتعليم وأفواج الكشافة والمنبر والفتوى والتأليف، والندوات الفقهية والعلمية..

الشيخ أوبكة -كما كنت أراه- امتلك كل صفات القيادة التي قد يدرس عنها أي شاب مثلي في قصص التاريخ، أو في مقامات وبيئات غير التي نعيشها، فقد جمع بين الطيبة والحزم، وبين اللين والشدة، حملته غيرته على المجتمع على اتخاذ مواقف صائبة في حينها بقوة بصيرته، وجلده على نوائب المسؤولية وسهام النقد، فهو لم يسلم من رداءة بعض المسيرين، ولا من سوء فهم بعض المريدين.

هيبة الشيخ أوبكة سمة بارزة فيه، فقد حوى قلبه كل أصناف المجتمع، من قوي وضعيف، ميسور ومعسور، ذكور وإناث، شباب وشيوخ، فهل من خلائف يحملون ثقل الأمانة بتلك الروح، وتلك العزيمة، ونحن نشهد تصحرا وجفافا في صدارة المجتمع وواجهته، بينما كثر الضجيج والادعاء.

لم تفقد الأمة اليوم الشيخ أوبكة فقط، وإنما فقدت جبلا شامخا من القيم النبيلة، وصرحا عتيدا من الانضباط والقيادة، ورجلا شهما نبيها.. وحق لنا أن نبكي هذا الفقد، ونعزي أنفسنا، ونسأل الله العون والمدد، في مرحلة حساسة نمر بها، حيث استأسدت بعض الذئاب، وطغت وأفسدت الكثير من الجمال الذي كنا نحيا فيه كنعم لا نكن نشعر بها من قبل حتى فقدناها أو كدنا.

كان يحبنا كثيرا ونحن نزوره أو يزورنا في الأعياد والمناسبات.. يسأل عنا قبل أن نسأل عنه.. ويهتم لأمرنا بإحسان.. وقد حظينا منه بعلاقة رحم ومصاهرة لأخي عبد الحميد.. وعلاقة أبوة روحية خص بها والدي حفظه الله..

ستبقى بصماتك خالدة شيخنا… ولعل أجمل هدية وذكرى هي نشيد الكشافة الرسمي بلحنه الثوري الحماسي المحفز..

عهدنا عهد وفاء عزمنا نشر السلام
جمعنا رمز إخاء وصفاء ووئام

رحمك الله أستاذنا الشيخ أحمد أوبكة.. وألحقنا بك في جنات النعيم..