يحسب الواحد منا وهو يشاهد نشرات الأخبار ويتابعها لحظة بلحظة أنه مثقف بما حوله، فاهم لما يقع، واع بما يحصل، وإن تقدم خطوة وكان دائم الاطلاع على ما يجري من خلال النت وشبكات التواصل الاجتماعي، فإنه يظن بكونه في مصاف الخبراء والحكماء.
هذا حال أغلبنا، يتحرك وفق تلك الذهنية، يقرر ويحكم على ضوء ما لديه من رصيد استلهمه بشعور تارة وبغير إدراك تارة أخرى، مما تلقنه له تلك القناة والجريدة أو تلك، فالعالم في تصوره هو نفسه ما ترسم تفاصيله وسائل الإعلام، وتنسج خيوطه تلك الخطابات الرنانة، أو التقارير المتلفزة بأرقى المعايير التقنية وكذا الفنية.
أما الحقيقة فهي غير ذلك بكل تأكيد، وهذا ما يدل عليه ذلك التضارب الحاصل في تلك الوسائل الإعلامية نفسها، فأيهما نصدق، وأي منها نكذب؟ هل صرنا ضحايا البريق؟ تأخذنا لمعة هنا، أو نجمة هناك فنهلل خلفها لا لشيء سوى لكونها “ذائعة الصيت” وفقط؟ ومتى كان الانتشار دليل الحق؟ وكم من عادة سيئة، وخلق مذموم، وفعل قذر، يهمين على العالم الآن؟
هذه الحال مما يحيّر أصحاب العقول بحق، فلا ينفع فيها المستوى الثقافي والعلمي والتقني لصاحبه مهما علا وارتقى، بقدر ما يمكن أن ينقذه منها حسن الاطلاع على المصادر النافعة الهادفة، لا الناهقة المرددة لأفكار غيرها، وأفضل نقطة ارتكاز وانطلاق لاكتساب جرعات التحصين والمناعة من الانسياق كل مرة مع التيار الجارف هو الكتاب، نعم هي الكتب الدسمة العميقة، ففيها من الأسرار ما يصلح لكل زمان ومكان، فلنكن من الواعين بهذا الأمر نتحرك وفقه.
في الأخير… هناك غالبية من الناس في عالمنا يعيشون غرباء عنه وإن بدا لهم غير ذلك، فهم في مرتبة المفعول بهم، وهناك أقلية تفعل وتقرر وتسيّر… فاختر لنفسك مقاما ترضاه!
مقالة منشورة في موقع: مزاب ميديا