للنجاح مهما كان لونه في بيئاتنا حساسية وسحر خاص كونه ناتج عن عدة تحديات، فهو يشكل حالة استثنائية في واقع بائس يصدّر الفشل ويتنفسه بشكل مؤسف.
النجاح المدرسي مثلا مناسبة للفرح، رغم الإجماع على كونها محطات بسيطة لا تعبر عن مصير الإنسان الحقيقي في الحياة، ورغم الاتفاق على الخلل الحاصل في اعتبار نقاط الاختبار معيارا للحكم بنجاح فلان أو فشل فلان.
نجاح جر إليه العديد من السلوكيات النفسية غير السوية في الإنسان كالبحث عن النتيجة ولو بطرق ملتوية إرضاء لحاجة أسرية، ودرءا لسهام المجتمع ونظرة الناس القاسية لمن فقد تلك المكانة.
نجاح أدخل الشك في نفوس من شق طريقه في مضمار آخر فآثر التوقف رغم التفوق، واختار مرغما الالتحاق بقافلة أكثر جلبا للاهتمام والأضواء والاحتفاء والإشادة.
نجاح على أهميته يعتبر ضمن نجاحات كثيرة في بلدان أخرى أكثر تطورا وجدية وحكمة وحنكة وثقة، تتعامل مع الناس حسب قدراتهم وميولاهم وأدوارهم في الحياة ولا تكدسهم ولا تعجنهم في قمع واحد، ولا تطالبهم بتسلق نفس الشجرة أو اجتياز نفس الجدار.
نجاح لا يرشح صاحبه ولا ينفخه ليكون إنسانا فوق العادة لمجرد حمله لشهادة ما، بقدر ما يكلفه ببذل المزيد من الجهد لاستحقاق تلك المكانة والتأكيد عليها فعلا لا قولا وادعاء.
أبدعت كثيرا الدكتورة كارول دويك(*)، حينما فسرت ظاهرة الذهنية النامية والجامدة ونقدت منهج التقييم الدراسي بالنقطة، المبني على المنافسة لا التكامل، منهج أنتج أجيالا من النبغاء لكنهم عديمي الفعالية.
لا أريد أن أفسد عليكم فرحتكم، ولكني أنبه لما نبه إليه الكثير قبلي، الحياة أعمق وأوسع وأجمل مما يراها ويتصورها السياق العام في المجتمع.
باحثة وعالمة نفس أمريكية (و: 1946)، مؤلفة عدة كتب أشهرها، الذهنيات Mindset