يسعى كل شخص إلى رفع مستواه في مجال اهتمامه وتخصصه تقنيا كان أم فنيا أم حتى فكريا، وهذه غاية يسعى لها كل منا بصفة فطرية مع اختلاف في الهدف والغايات، وكذا اعتبار لسقف الطموح ومستوى التطلع، إلا أننا كثيرا ما نغفل جانبا مهما هو الأخلاق، أو بعبارة أدق، حسن المعاملة والتصرف.
مرت عليّ مواقف أتذكر بعضها وأنسى أو أتناسى بعضها الآخر، مواقف صادمة تارة وطريفة تارة أخرى، من هذه المواقف شخص جعل الجودة سواكا في فمه، يمضغها ويتحرى ويلتزم صبغ كل خطاباته بها، الإشكال أنه في عمله وفعله يظهر في كل مرة أقل مما يتكلم ويتغنى.
فما الذي يجعله يخفق في الانسجام بين ما يقول ويدعي وما يفعل ويعمل؟ أرى المسألة من زاوية بسيطة وأحاول الاغتنام منها ما استطعت واستثمار ما يفيدني ويؤثر في سلوكي إيجابيا، التواضع وحسن الظن مما يؤدي بنا عادة لحسن التصرف والخروج من المواقف بأقل الأضرار إن لم أقل انعدامها تماما.
ابتلينا بأشخاص يتعلمون نصف العلم، ويفعلون نصف الفعل -كي لا أظلمهم- إلا أنهم لم يحسنوا انتقاء كلماتهم ليعبروا عن إمكاناتهم بما يخدم قيمتهم فعليا لا تمثيلا سطحيا، لم يعلموا أنه كلما ازداد العقل علما كلما ثقل ونزل تواضعا وخضوعا إن لازمته الأخلاق وتعلم صاحبه التعامل مع غيره برفق وتفهم وحكمة.
يقال إن معادن الناس تنكشف في حديثهم مع غيرهم قليلا، وتظهر بصفة جلية بمواقفهم معهم، فلنحسن اختيار ألفاظنا، ولا نحتقر هذا أو ذاك لمجرد كوننا اكتسبنا شيئا من العلم في تخصص ما، وجاء يستفسر عن معلومة ما نظن حينها أنه بجهلها يجهل كل أمر آخر، فنتعالى ونغتر ونمنّ عليه وكأننا ملكنا الدنيا وما حولها!
لنتقن فن التصرف قبل جودة الأداء!
مقالة منشورة في موقع: مزاب ميديا