تتعدد مصادر الدخل المالي من إنسان لآخر، ومن مجتمع لآخر، كما تتباين أبواب الإنفاق ومنافذه أيضا، بين ما هو ضروري أو كمالي، وما هو عاجل أو آجل، وماهو شخصي أو جماعي، هي قرارات تلقى قبولا من فئة معينة، وتقابل بالتحفظ والانتقاد من فئة أخرى.
الإنفاق الفردي عادة ما يلزم صاحبه، وإن تعداه لغيره فبنسبة أقل مما هو عليه الحال في الإنفاق وإدارة الموارد المالية لمصلحة اجتماعية جماعية، هنا يصبح القرار أصعب والمهمة أعقد بما أن زوايا النظر فيها وحتى الأذواق والأولويات متعددة متضاربة.
المسؤوليات الاجتماعية تكليف والتزام بأداء المهام والحقوق، الأمانة فيها معيار أساسي، والكفاءة شرط لا تنازل عنه، وبقدر الأثر ونسبة التأثير تكبر أو تصغر المحاسبة، فإن كان المكلّف مطالبا بالإتقان والتضحية وحسن التدبير كواجبات، فعلى غيره مراعاة السياق، وتفهّم الظروف، ومنح الثقة، واعتبار نسبية الاجتهاد في الخطأ والصواب، خاصة ما تعلق بتسيير الموارد المالية.
المال في العمل الاجتماعي من أصعب الاختبارات، بريقه الناصع قد يعمي البصيرة، ويلقي على العقل غشاوة تؤدي به لاتخاذ قرارات غير مبررة، تنشأ على إثرها الخلافات وتطفو الصراعات.
أسوأ ما يصيب المجتمع حينما يغفل أبناؤه أدوارهم، فتراهم ينشغلون بتتبع الأخطاء والزلات، والانتظار في المنعرجات، يتبادلون التهم فيما بينهم، ليدب الشكّ وتسوء الظنون وتفسد النوايا، ويصبح العمل الاجتماعي حينها منفّرا معقّدا.