نعيش عصرا لو يحكم الإنسان بما يسمع ويقرأ ويقال له من ظاهر الأمور وسطحها، لكان مصيره اليأس، وشعوره القنوط من عالم سيء لا خير فيه أبدا، ولا أمل، وما ينطبق على أوسع الدوائر يسري على أضيقها، والجزائر كوطن جزء من تلك الدوائر.
لا أستغرب أن يصدر هذا اليأس من عامة الناس فهم يتأثرون من حيث يدرون ولا يدرون بما يأتي من مراكز الصدارة والوجاهة، لكن الغرابة هي في تأثّر من بيده مقاليد الأمور، عوض أن يكون هو المؤثر والمحرك نحو الأحسن، ومجال الإعلام بيئة لبث الأفكار ونقل الرسائل وتوجيه الآراء وتصويبها، ولها النصيب الأكبر من المسؤولية في هذا.
أنا جزائري مثلك، أتنفس هواء الوطن مثل ما تفعل، آكل مما تأكل وأشرب من الماء الذي تشرب، لكني أرى بقلبي قبل العين ما لا تراه في مناسبات كثيرة… هذا ما قلت لصديق يشكو من ضيق الحال في الجزائر، فلم يعد يرى إلا السواد مكتسحا كل الزوايا، إلا أني أخبرته باعتقادي فجاء على غير ما يظن، الخير عميم إن شئنا، والتجارب تتحدث.
ففي أيام نجد فيها صورا جميلة يصنعها أبناء الوطن هنا وهناك، في صمت وهدوء وفعالية وحركية، نجد أيضا في مقابل ذلك هرج ومرج تطبّل له صحافة وصحفيون يصنعون في جرائدهم وقنواتهم كل ما من شأنه تيئيس المواطن ودفعه للانتحار، لا أعتقد أن هذا أمر بريء، لكنه جزء من ثقل رسالة الإعلام لمن يحملها كي يثبت عكس ما ذهبوا إليه.
دع عنك من يدفعك للهاوية، ولازم من بيده مفاتيح الفعل والمبادرات… فكم أنت أرض خصبة يا جزائر، وكم أنتم طيبون يا أبناء الوطن!
مقالة منشورة في موقع: مزاب ميديا