في عمق عقل كل منا حُجرة صغيرة هناك في ركن شبه خفي.. ركن يكاد ينسى في زحمة مشاغل الحياة إلا أننا نتفقده في المناسبات الخاصة السعيدة.. لا يحدث ذلك في أعز وأول أوقات تلك المناسبة وإنما بعد مرور بعض الوقت وانقشاع غبار السعادة واستقرار مظاهر الفرحة.. هناك في آخر الرواق مرورا بقاعات كثيرة أنيقة مضاءة نظيفة نجد تلك الغرفة..

نحاول فتح بابها بلطف لكن دون جدوى.. نعيد الكرة بشيء من القوة وميل الكتف فنفلح.. نزيح ذلك الباب بكلتا اليدين وفي الأرضية يرسم أثرا ويحفر ربع دائرة مع ضجيج مزعج سيتكرر عند إغلاقه بعد لحظات..

رائحة غريبة تعم أرجاء الغرفة، مزيج بين القديم والغامض والتجارب الناقصة والمواقف غير الناضجة والقرارات المتسرعة والقراءات الخاطئة والثقة المفرطة وحتى شيء من الطمع فيما لا جدوى فيه، وجرعات من التوقع في غير محله.. رائحة تختصر دروس الحياة المؤرشفة والمحفوظة وحتى المرمية في سلة النفايات..

بطاقات متناثرة وأخرى محفوظة.. تحمل أسماء وصور وصفات وبروفايلات.. تراكمت عبر السنين، وكان مصيرها الحفظ رغما عنا مع الميل للتناسي لمن وما لا قيمة له، وكلنا ندرك قيمة صفاء العقل وسلامة الصحة نفسيا وذهنيا وعضويا..

لم تدم الزيارة طويلا وإنما فقط جاءت في معرض إلقاء واجب التهنئة الخاصة بمناسبة العيد، وكم من شخص كانت تهنئته حتى قبل الجميع أكيدة ومن فرائض اليوم وآخرون من سننه والبعض من النوافل، وصولا لما يأتي ضمن التهاني الجماعية والمنشورات العامة المكررة، وهو ما يحدث لنا أيضا في قوائم أولويات غيرنا وترتيبهم.. وهي سنة الحياة..

صح عيدكم وكل عام وأنتم بخير