تراودنا أفكار وتستهوينا أحلام لتنفيذها وتجسيدها على شكل مشاريع قائمة بذاتها، فمنها ما يأخذ منا الوقت والجهد الكثير، ومنها ما لا يكلف أي اهتمام وإنما يأتي عرَضا، وبين الاهتمام بأسمى الأفكار وتجاوز سفاسفها هناك من يخطئ الطريق ويفقد الوجهة فتكبر في عينه الصغائر وتصغر أو تختفي من أمامه العظائم.

لا تكفي الأماني والطموحات لبلوغ الأهداف ما لم يكن هناك تخطيط وتركيز على العمل ثم العمل، بجد وتحمّل وطول نفَس، فكم هو مؤسف حال بعض الشباب ممن تسألهم عن أهدافهم وطموحاتهم في الحياة فتجدها مادية ضيقة آنية ساذجة.

ومن بين أمثلة ذلك أن حاورت شابا يوما عن أكبر طموحاته فقال: أحلم بمشاهدة مباراة للاعبي المفضّل في إحدى الملاعب الأوروبية، سألته: هل ترى أنك في طريق تحقيق ذلك الحلم؟ أجاب متأسفا: لا طبعا فأنا مجرد موظف بسيط بالكاد أوفّر تكاليفي اليومية، فقلت له: ألا تشعر بالعبء والثقل النفسي لما تعيش حياتك وأنت أبعد عن تحقيق أحلامك؟ فإما أن تخفّض من سقف طموحاتك، وإما أن ترفع من وتيرة فعاليتك، والثانية أفضل لك بالتأكيد.

ماذا لو رفعت من سقف طموحاتك وعملت بجد على تأسيس مشروع تجاري يمكنك من زيارات متكررة لمختلف بقاع العالم متعلما باحثا عن الفرص، فتجرك مناسبة يوما إلى أوروبا ويصبح حلمك الأول مجرد قرار بسيط قد تتخذه في إحدى أمسيات عطلة نهاية الأسبوع؟

فضلا عن أن لاعبك المفضّل الذي تحلم بمشاهدته عن قرب رغم كونه أصغر منك بعامين، لم يكن ليبلغ ما بلغه لو فكّر مثلك، فأعد النظر في خريطة أحلامك، وكن ذا أفق أوسع وأرحب، فالحياة على قصرها تحتاج لإنسان محترق جاد ملتزم بأداء أدواره وواجباته لتكافئه ببعض الفرص التي يجد فيها متعة تنسيه القليل من عنته وتعبه.

الشباب يحتاج لحوارات عقلية ولغة منطقية تجعله يعيد النظر في شخصيته وتفكيره، كما تغريه النماذج الفعلية وتستهويه ليقتدي ويضحّي لأجلها، فلنحسن صناعة النماذج الهادفة المفيدة المتوازنة، لأن الوعظ في هذه القضايا لا يحقق الكثير.