مرت عليّ هذه الأيام وما قبلها بقليل مواقف متضاربة وومضات متناقضة يمكن أن أصفها بالخاصة، اجتمعت على غير عادتها في ظرف قصير، مما جعلني أتوجس منها بعض الريبة وأفرض على نفسي وقفة أتأمل الوقائع وأتوقع النتائج وأستنتج ما يجب علي إدراكه واستدراكه واستحضاره فيما يأتي وما بقي من العمر..
- وفاة رجل عظيم لا ككل الرجال، ثم شهود لقاء تأبيني عالي المستوى من الإلهام والاعتبار على أثره، لقاء حميمي بدعوة كريمة جمع أصدقاءه وأبناءه وبعضا ممن تشرفوا بالتعامل معه، ومن استفادوا من فيض كرمه ورقي إحسانه.. يلهجون له بالدعاء واصفين تواضعه وبساطته وأخلاقه ومآثره وجميل بذله وسعة صدره وسخاء يده.. رحمه الله رحمة واسعة..
- حضرت جلسات محاكمات لأول مرة في حياتي بإحدى محاكم الجزائر، ذهلت لهول ما رأيت وسمعت من قضايا مؤسفة وجو مشحون وعيون شاخصة وأفواه فاغرة، تنتظر ما تنبس به شفاه القاضي بعد أخذ ورد بين المتهمين والضحايا ومن معهم من محامين متوشحين بسواد يتدلى منه القليل من الأبيض يصولون ويجولون في القضايا بلغة فصيحة تستجدي القاضي وتستميله ليرأف بموكليهم..
- عبث واستعراض لأقصى درجات الانحطاط، وأدنى مستويات السفالة في المشهد السياسي للبلد، في وقت تتدافع فيه الأمم نحو القمة، وتتنافس الدول في أعلى المستويات معرفيا واقتصاديا وما ينتظر العالم من تحديات واختبارات، صورة تقتضي التجاوز وتفرض تفعيل وضع الصمم وغض البصر وتعطيل باقي الحواس للحفاظ على البقية الباقية من الأمل المتآكل كما تتآكل العملة وتذوب..
كلمات مفتاحية طفت للسطح من كل ما حدث ويحدث، تفرض نفسها في ذهني وتظهر كبرق مضيء في كل ما تراه عيناي..
اليقين في الله، الإخلاص، الاجتهاد، الجدية، المحاولة، التجاوز، الصرامة، الصراحة، بذل الخير، الصبر، الحِلم..
أعمل جاهدا عليها.. وأدعو إليها.. وأحملها راية في حلي وترحالي..