استسلام (1)
بعد محاولات أجدني أمام واقع لا يتحمل المزيد.. ربما كنت أغالب سابقا.. وأتجاوز.. وأغض الطرف.. إلا أن لحظة الاستسلام قد حانت وحان الاعتراف بها..
لم يعد فيسبوك مكانا مناسبا للمزيد من “المحتوى”.. لم يعد مجديا الحديث عن “المستوى”.. قد عمت الرداءة وانكشفت لحد لا يطاق.. ملقية رداء أسود على كل محاولة جادة.. وأفكار هادفة..
فيسبوك بيئة محفزة للإشاعة.. خصبة للدناءة.. ميسرة للحماقة.. مسوقة للجهل..مشجعة للحقد..
بقدر ما أحيي ثلة من الأصدقاء والكتاب الذين يحملون رسالة سامية هنا دون كلل ولا ملل.. إلا أني أشفق عليهم.. ومن جهودهم وسط كومة متنامية من العبث تحاصرهم من كل جانب.. ولا زالوا صامدين..
ليست هذه الوسائط سوى وسائل تقنية نمرر منها أفكارنا وننشر آمالنا.. إن صلحت بقينا.. وإن فسدت بحثنا عن بديل..
سأبقى قارئا كاتبا.. وسأستمر وأواصل.. لكن ليس هنا.. وإن بقيت فلأجل أحبة وأفاضل..
إلى واتساب.. تلغرام.. تويتر.. إنستغرام.. ماداموا أنقى وأجمل وأسمى..!
=========================
استسلام (2)
الكتابة في الفيسبوك مختلفة تماما عن الكتابة فيما سبقها من أوعية ووسائط، ذلك لأنها تحمل في طياتها غالبا أفكارا آنية، وتجر من ورائها تفاعلا جارفا قد يخدم الفكرة التي كتب المقال لأجلها، وقد يخرجها من سياقها ويجردها من قيمتها.. والمؤسف المخيف أن صار التفاعل معيارا لصواب الفكرة أو خطئها..
كنت ذات يوم أكتب على هوامش كراستي، ثم في المفكرة Agenda.. ثم إلى مدونة رقمية يطلع عليها أشخاص يعدون على الأصابع.. إلى أن نزلت ضيفا على الفيسبوك أنشر فيه قراءاتي وخربشاتي، آمالي وأناتي.. لا أدعي أني جئت فاتحا ولا قائدا للنهضة ولا رائدا من رواد التغيير.. فقط مجرد قلم يكتب ليستفيد ويتعلم..
ما رأيته أمس من تفاعل ومناشدة لعدم اتخاذ قرار الانسحاب من الكتابة في الفيسبوك، أسعدني وغمرني بشيء من الفخر، وفي نفس اللحظة أحزنني وأربكني وزادني حيرة.. فمن هو هذا الذي يطلب منه قراء أوفياء المكوث وعدم الذهاب؟ من يكون؟
رجائي أن نطرق أبواب الجودة بجدية ونتبع منهجا صارما في الإشادة والتقدير، فقد فاض الفيسبوك بالمتسلقين المتزلفين، وعاث فيه المدعون.. صرنا لا نفرق بين الأصلي والمقلد.. بين الأصيل والزائف.. ربما نحن من ساهمنا في نفخهم.. وتعزيز شحناتهم ليفتروا أكثر..
أعود لأقول.. لست سوى جزء من قطرة في هذا المحيط الأزرق الفسيح.. لا يضره انصرافها أو بقاؤها.. إن ذهبت فالدنيا بخير.. وإن بقيت فستبقى كذلك إن شاء الله..
الاستسلام جزء من الحقيقة.. وليس علينا التظاهر بعكس ما نشعر به.. سأبقى هنا أمارس طبيعتي في النشر والمتابعة دون التزام.. ولا تكلف..
من لم يمتلك رغبة ذاتية للتحسين من أدائه وطباعه فلا ينتظر ذلك من منشورات الفيسبوك لأنها قد أتقنت دورا مختلفا تماما..
أقدر محبتكم.. واهتمامكم