نكبر في حياتنا ونجتاز مراحل أعمارنا بمشيئة الله، ففي البدايات نكون جزءا من قرارات والدينا، فيفعلان بنا من الخير ما هما أهلا له، ثمّ ندخل مرحلة المدرسة، فيكون لمعلّمينا نصيب من القرار في أمورنا، توجّهاتنا، تخصّصاتنا، وحتّى مواهبنا التي فطرنا عليها.
لا نصل لمرحلة اتّخاذ قراراتنا بأنفسنا إلّا وقد سرنا أشواطا هامّة من الخضوع والطاعة بمسميّات عدّة، وتحت مفاهيم متوارثة، نجني في آخرها صلاحنا ونجد بها ضالّتنا إلّا ما شذّ منها أحيانا، وغالبا ما طالبنا بحريّتنا في اختيار ما نشاء، ورسم معالم حياتنا وفق ما نريد، تارة بالتعريض واللطف، وأخرى بالتذمّر والثورة، وفي هذا يكون لنا نصيب من الصواب فيما نفعل، كما لا نسلم من الخطإ الدال على نقص الخبرة وقصر النظر.
“…إنّما تؤخذ الدنيا غلابا” والتدافع سنّة من سنن الحياة التي جعلها الله لا ولن تتبدّل، فالحقوق تؤخذ ولا تعطى، والحقّ في اتّخاذ قرارات الحياة الخاصّة جزئيّة كانت أو مصيريّة أمر مشروع لكلّ راشد استأنس من نفسه القدرة، فهو الوحيد الذي يتحمّل مسؤوليّته بعدها، على شرط ألّا يخسر ما هو أغلى من مطلبه في سبيل الحصول عليه، أهمّها العلاقة الطيّبة بمن خالفه قراره، لأنّه أصلا يفعل ذلك تجاهه عن حسن نيّة واهتمام.
كن سيّد قرارك، بعد الاستشارة العميقة، والاستخارة الخالصة، وتحمّل كلّ عاقبة بعدها، فإن كان مطلبك عظيما، فما عليك سوى بذل المزيد من الجهد.