حسب التجربة القصيرة القاصرة في مجال الأعمال والاستثمار التقيت بالكثير من أنماط المستثمرين أو لنكن أكثر دقة أقول أنواع “مالكي مبالغ من المال” سواء ممن حصل عليه بجهد يده أو من ورثه أو كان وكيلا عليه..
تلك الأنماط المتباينة في طريقة تعاملها مع الاستثمار كفكرة تلهمني وتعلمني كل مرة من خلال المواقف والمعاملات وأحيانا حتى الكلمات والايحاءات التي يستعملونها في التواصل.. ولعل أبرز الصور تتمثل في المغامرين مغامرة مطلقة.. مقابل الحذرين حذرا مفرطا محيرا.. وبينهما منازل ودرجات ورتب..
السؤال الأبرز والأكثر تداولا هو “كاش افير؟” ثم يتبعه حوار ونقاش في ترتيب أفضل صيغ الاستثمار السهلة (سابڤة سمينة وماتعلفش) بين أسهم في شركات قائمة أو العقار أو الذهب المستعمل أو العملات الأجنبية، وقد كانت الأخيرة تتبوأ مكانة خاصة ضمن الاحتمالات الأكثر أمانا وضمانا واحتمالا للنمو وابتعادا عن الانهيار.. مما جعل الكثيرين يراهنون عليها وينصحون بها..
شخصيا تحفظت ولا أزال من هذه الصيغة من الاستثمار “السلبي” إلا ما كان صفقة عابرة واستثناء أو ادخارا مؤقتا لغرض جمع مبلغ معين وشراء حاجة منشودة أو بدء استثمار جديد فذلك منصوح به في ظل تهاوي العملة وتآكلها بسبب السياسات العرجاء للعصابة..
الذين كانوا يدخرون العملة الأجنبية هم الآن في حيرة من أمرهم، وهذا ليس وقتا مناسبا للعب دور الخبير وكيل التهم وتوزيع اللوم وإسداء النصائح وتلقين الدروس من باب الشماتة والتشفي، إنما هي تقاليد عادية في عالم الاستثمار، وانعكاسات جانبية طبيعية لمن يريد حمل شارة الاستثمار ووسام رائد الأعمال ولواء رجل الأعمال..
لا ربح دائم.. ولا قاعدة ثابتة.. ولا تنبؤات يقينية.. هذه أعراف عالم الاستثمار..
النصيحة قد قالها وارن بافت ومن سبق من الخبراء..
في المغامرة.. لا تضع البيض كله في سلة واحدة..
في المخاطرة.. لا تختبر عمق النهر بكلتا قدميك..
قم من عثرتك.. امسح آثار جرحك.. واصل الطريق.. لا لتسلم من السقوط والفشل ثانية.. إنما لتخوض تجربة جديدة وتسقط من جديد.. ثم تفشل من جديد لتنهض بشكل أقوى..
النجاح لا يأتي إلا بالقرارات الصحيحة.. والقرارات الصحيحة لا تأتي إلا من الخبرة.. والخبرة لا تأتي إلا من المحاولة والتعثر والفشل!