من حاجات الإنسان في الحياة الترويح عن النفس بين الفينة والأخرى، فهو بين أمواج العناء يعلو وينخفض وبمخاضها يعاني إرهاقا نفسيّا وبدنيّا باستمرار، أمّا إن كان يعيش الفراغ، ففي متاهاته يضيع، ولعلّ أفضل ما يصلح به حاله، ويحدث في حياته التوازن، لقاءات وديّة عفويّة مع الأصدقاء أو ما حوله من الدوائر.
على الإنسان أن يحيط نفسه بمجموعة أصحاب ممّن يضيفون ويُضفون للحياة إيجابيّة ومعنى، يتداولون فيما بينهم ما استجدّ من شؤونهم، يتشاورون ويتعاونون على برّهم، ففي هذا شحن لرصيد عزمهم، وشحذ لهممهم، وميزان لتقوى نفوسهم حتّى تحافظ أو تستزيد، فالفضل كلّه في لقاءات عفويّة للصحبة، لا تجمعهم رابطة سوى ما بينهم من خير سواء كان قولا أو فعلا.
من نصائح المجرّبين للإنسان أن لا يبتعد عن حياة المجموعة، ولا ينزوي لوحده في ركن حياته، فهذا كفيل بضعفه واستيلاء الأفكار السلبيّة عليه مهما حاول مقاومتها، فيغدو يائسا في أبسط مشكلة تعترضه، كون الوحدة تصيّره ضعيفا أمام بدوات الحياة ومفاجآتها، والتي لا يسلم منها أيّا كان ومهما كان، فلنتّخذ لنا أصحابا نجدهم في الرخاء والشدّة، ولنكن نحن لهم كذلك.
أمّا عن مجالسنا فلتكن من رفيع القضايا لا من وضيعها، ولتكن لقاءاتنا ذات معنى وفائدة كمطالعة كتاب أو استزادة في مجالات اهتمامنا، بعيدا عن المواضيع الجوفاء أو الحوارات التي يطبعها المراء من أجل المراء، لا نطلب هذا من أوّل وهلة، إنّما بالتدرّب والمحاولة، فلا أجمل من الرفقة الطيّبة، وإن أحسسنا أن الوقت معها يمرّ ويمضي، ففيها الصلاح والخير إن شاء الله.
مجالس الصحبة من أفضل ما نوسّع بها مداركنا، ونحسّن فيها أداءنا، وندخل منها قلوب غيرنا، فلتكن لنا أسلوب حياة، في أسَرنا، ومع أصدقائنا، ومع من علمنا ومن لم نعلم، أثرها كبير، وخيرها عميم، ومهما طالت حياتنا أو قصرت فإنّنا يوما مفترقون.