مستشفى الزواج، أو مؤسسة إنقاذ الزواج، هي فكرة مشروع في الصين مهمته إعادة المياه لمجاريها فيما يتعلق بالعلاقات الزوجية والأسرية المهددة بالانهيار، وهذا بعد انتشار عدة ظواهر أدت إلى تفكك الأسرة وضياع الأبناء، وحتى الزوجين بما أن قوانين الطلاق هناك صارمة فبين ليلة وضحاها يصبح التشرد حقيقة ومصيرا محتوما.

في مجتمع كالصين بتلك الذهنية والأعراف والتقاليد والثقافة البعيدة جدا عن حالنا كمسلمين بمنظومة أخلاقية واجتماعية قوية لدينا نظريا، تساءلت وأنا أشاهد ذلك التقرير التلفزيوني عن فكرة المؤسسة وطريقة اهتدائهم إليها كجهود إنسانية متجاوزة للمصلحة المادية التي يعالجون بها شؤون حياتهم عادة، علما أن العاملين في المؤسسة متطوعون تحركهم دوافع اجتماعية متعلقة كثيرا بالأبناء وحرصهم على مستقبلهم النفسي والعاطفي.

من بين الأمثلة التي عالجوها قصة زوجة اكتشفت خيانة زوجها مع صديقة له، فسعت المؤسسة لتدارك الوضع بطلب من الزوجة ودون علم الزوج وتلك الصديقة في البداية، ثم عالجوا القضية مع الزوج المتورط بالخيانة تدريجيا حتى عاد لرشده وعاهد نفسه وزوجته بحياة جديدة.

الشاهد هنا هو التعامل بواقعية مع مثل هذه القضايا الحساسة، وعدم رميها للشارع يتلقفها المراهقون والعوام بألسنتهم فتصبح حديث صباحهم ومسائهم، وتغدو كجرعات سامة تشكك أسرا متماسكة وتسعى لتصوير الحياة من حولهم كلوحة قاتمة عنوانها الخيانة.

إذ على الوسيط المصلح بداية التحلي بطول النفس والميل للإصلاح أكثر من التحريض على الانفصال، لأننا في الحياة نرى ونعيش كل الحالات بألوانها، ولكن قلة من أمسك الجمرة وتحمل حرارتها ومع ذلك ضبط نفسه واختار أصعب الطرق للحل طلبا لراحة ومصلحة غيره أولا، وهم الأبناء.

طرح هذا الموضوع بهذه الطريقة يجرنا بداية لمقارنة الوضع بيننا والصين، ولو أن هذا ليس هدفي إلا أني أشير لتفصيل أراه مهما هنا هو تفسير العمل الإنساني بالدوافع الدينية في المألوف، فهناك افتراض يدفع أصحابه للتعامل مع فعل الخير من منطلق الجزاء والكف عن الشر بسبب الخوف من العقاب، إلا أن النموذج الصيني قد كشف تفسيرا آخر تماما، بل هناك مبادرات أخرى تتعلق بمحاربة ظاهرة اختطاف الأطفال على شكل مؤسسات خيرية، فما الذي حرّك فيهم فطرتهم وأي مصلحة مادية وراء تلك المبادرات؟

يبقى السؤال مطروحا… ما الذي يحرّك فعل الخير لدى الإنسان؟ أهو الدين؟ أم الفطرة؟ أم المصلحة؟ أم هناك عوامل أخرى واحتمالات أخرى؟