عندما يطرح إنسان وجهة نظره بكل أدب في شبكات التواصل الاجتماعي ويأتي من يتهكم عليه – أو يتصور ذلك- بمجال عمله اليومي واسترزاقه.. فإننا أمام مشكلة عميقة تتعلق بالذهنيات..
ذهنيات قاصرة التفكير، قصيرة النظر، تصنف الناس على وظائفهم ومهنهم.. لا على المحتوى الذي شاركوه، والرأي الذي أفصحوا عنه ولو جاء بعد بحث وحفر واجتهاد..
هذه هي التصرفات التي تدفع بالطفل ليبذل جهده في البحث عن طرق الحصول على إجابات الاختبار بدل التفكير في الحل بحد ذاته.. سلوك أفرز جيلا يعبد الوظيفة التي تحفظ له ماء وجهه أمام الناس ولو على حساب ميوله وما يمكن أن يبدع فيه.. يهتم بالمسميات أكثر من المضمون..
هو صائب في مسعاه مادام الكبار في تصوره يشكرون ويفتخرون بصاحب البذلة الأنيقة ولو كان غبيا صاحب سيرة خربة سيئة.. بينما يحتقرون من نحتت كفيه وأبلت ثيابه ظروف الزمان..
تعلمت من خلال الكتب أن هناك كاتبا شهيرا يعمل كحارس مرأب للسيارات.. ودكتورا خبيرا في تخصصه يقضي ساعات في مطبخ أحد المطاعم المغمورة مفتخرا بما يفعل.. وخبيرا مستشارا في مجاله أفنى زهرة عمره متنقلا بين محطات متعبة في حياته.. يحدث هذا هناك فقط.. بينما هنا.. علينا أن نصبر طويلا..
متضامن مع صديقي الذي يشهرون في وجهه مجال عمله متهكمين كلما كتب عن ما يؤلمهم..