كل منا يطمح أن يكون مصمما ناجحا ذات يوم، يشار إليه بالبنان ويعرف من خلال بصماته ولمساته الفنية التي تتجلى في أعماله الفنية التي يصدرها، لكن كيف السبيل لذلك؟ وهل هناك خطوات محددة لبلوغ النجاح في مجال التصميم الفني؟ هذه الأسئلة تجرنا لأسئلة أخرى في نفس السياق، فكيف هي شخصية المصممين الناجحين؟ وماهي مميزاتهم وطريقة تعاملهم خلال مسيرتهم الفنية؟

نحاول أن نتطرق خلال هذه التدوينة لبعض رؤوس الأقلام دون تعمق فكل نقطة مما سيذكر تستلزم وحدها مقالات خاصة، بل نفتح بابا من أبواب الحوار والإثراء لهذا الموضوع الكبير في مقامه وقيمته، وهذا من جملة ما يمكن أن نقول:

  • أولا: من الوصايا التي يمكن أن نوصي بها أنفسنا كمصممين، البدء من نقطة الصفر، ومحاولة الإلمام بالجوانب تدريجيا، دون الاستعجال في المراحل، فمثلا أولا يمكن أن نكون مقلّدين لما نجد من أعمال بين أيدينا، مع الاعتراف بالحقوق لصاحبها وعدم نسبها لأنفسنا مباشرة، وتقليد الأعمال يستلزم بحثا عن مراحل إنجازها، وتحليلها ونقدها ومحاولة الدخول في أغوارها وتفاصيلها، مما يوفر لنا مستقبلا زادا كافيا من الأفكار التي سنوظفها في حينها كلما احتجنا لها.
  • ثانيا: الاحتكاك برواد المجال ومحاولة الأخذ منهم قدر المستطاع، والأجمل من ذلك تكوين روابط وصداقات مع أصدقاء نعلم أنهم سيفيدوننا أو بالأحرى كل منا سيفيد الآخر بما عنده، لأن القضية تبادل وليست من جانب واحد فقط، فالاحتكاك سيولّد رصيدا معتبرا من المعارف وصقل المواهب والقدرات، باعتماد منتدى محترف ندخل فيه لغرض التعلّم واكتساب التقنيات والمستجدات.
  • ثالثا: ترك مساحة أو مجال دائما للخطأ في أعمالنا ومحاولاتنا الفنية حيث نتقبل النقد البنّاء، ونسكت عن من يحاول تحطيمنا، لأننا سنشكرهم يوما عندما نصل لمستوى راق، فطريق النجاح غذاؤها التحديات، و”رحم الله من أهدى إليّ عيوبي” دون اعتبار الأساليب، لأنها كلها ستصب في صالحنا.
  • رابعا: التواضع وعدم القناعة المفرطة بمستوانا، لأن فوق كل ذي علم عليم، والتواضع أساس كل نجاح وارتقاء، نحاول أن نقول كل مرة: “لا أعلم” وبها سوف نكتسب المزيد من الفوائد، ونسدّ الكثير من ثغراتنا، ولا عيب أن نجد من يقدم لنا معلومات جديدة دون أن نحس أنه يحط من قيمتنا، فلتكثر الانصات ولو على معلومات نعلمها فربما يضيف لنا الآخرون الجديد.
  • خامسا: البساطة في التعامل مع الأصدقاء في المجال، سواء المبتدئين أو المحترفين، فعلينا أن نعتبرهم أصدقاء ووسائل للتطور معا والسير نحو الأفضل، وليس العكس حيث نراهم بنظرة المنافسين الذين يتربّصون بنا، حيث تنتشر هذه العادة في كل المجالات، ويخطئ الناس بخلطهم في ما يسمى “سرّ المهنة”، فحاليا سرّ المهنة ليس كما نتصور لأن الأنترنت فتحت أبواب كل شيء، ويمكن لشخص أن يتباهى بسرّ المهنة فيما اخترعه هو بيده أو صنعه، وليس فيما صنع غيره، حيث نجد صاحب المعلومة نفسه لم يكتمها كما يكتمها البعض، وهنا لا بدّ أيضا أن أؤكد أني لست أدعو هنا لنشر كل شيء ولكن علينا أن نضحّي ببعض المقاييس والعادات التي نتوارثها دون أي مبرر على الأقل بيننا كمصممين، والشكر كل الشكر لمصممين فتحوا مدونات متخصصة، ونشروا دروسا مبسّطة، وفتحوا باب الاستفسارات لمن أراد، فالعيب كله على المتعّلم حاليا ولا عذر لأحد لاكتساب المعلومة حاليا. أما بالنسبة للمبتدئين فعلينا أن نتساهل معهم فيما يخص الاقتباس والملفّات المفتوحة PSD، ولا نعاملهم كمجرمين، فنترك لهم مجال التقليد إلى أن يصيروا مبدعين مبتكرين، وطوبي لمن جعله الله للخير وأجرى الخير على يديه، ويا فرحة من التقى يوما بمصمم محترف وأخبره أنه كان هو السبب في ما وصل إليه – والأمثلة موجودة –  فلنتصور حجم تلك الفرحة والرضا النفسي.
  • سادسا: كمصممين علينا معالجة أكثر من مدرسة للتصميم ومحاولة الاطلاع عليها، وعدم النظر إليها بأسلوب الخلفيات المسبقة والمفاهيم السلبية السطحية أو حتى شيء من السخرية، فالعلم والفن كانا تراكميين، وكل أخذ من الآخر حتى وصلنا لما نحن عليه اليوم، فعلى المصمم إذا أراد أن يكون مبدعا، وصاحب أفكار متجددة أن يكون مطّلعا على أكثر من مدرسة واتجاه، ثم عليه أن يتأثّر بما يشاء بعد ذلك، فالمهم هو الاطّلاع ومعرفة الحد الأدنى.

هناك الكثير من النصائح غير ما ذكر هنا، أترك المجال للإخوة المجرّبين ليثروا بها الموضوع ضمن التعقيبات، فإن أخطأت فمني ومن الشيطان وإن أصبت فمن الله جل وعلا.

التدوينة منشورة أيضا في موقعي نقطة بداية وميديا فيكوس