من الجميل أن يتحلى الإنسان بصفات حميدة كثيرة لو نسردها لن نخلص إلى نهاية قريبة، إلا أن هنالك بعض الصفات المفتاحية الأساسية والتي على من يرمي بعيدا ويهدف إلى الرقي بنفسه وشخصه أن يعمل عليها ويتمرسها بشكل عميق، هي التجرد من الأحكام المسبقة مع شيء من حسن الظن وبعض الحكمة والذكاء في التعليق والحكم على ما حوله من مبادرات وتجارب وظواهر تحدث هنا وهناك.
نعم هي مشكلة حقا وقفت عليها هذه الفترة وقبلها، إلا أن ما دفعني للكتابة حولها سقوط بعض من كنت أرى فيهم الأناة والتعقل في وحل إصدار الأحكام جزافا، فغرتهم مكانتهم ربما، أو بعض ما اكتسبوا وبلغوا من العلم، أو حتى ما التمسوه من أنفسهم من قدرة على التحليل وإطلاق الأحكام يعزّون بها من شاؤوا ويذلون من أرادوا، فخيبوا ظني من جهة، وكشفوا حقيقتهم من جهة أخرى، فحمدا لله أن أظهروها في أول الطريق ولم يفعلوا لاحقا حين تتضاعف المسؤوليات ويتسع الأثر ويكبر.
وعن الأسباب فهناك الكثير دون شك، وإذ لا أدعي معرفتي بكلها إلا أنني اكتشفت داء عميقا في بعض النفوس والشخصيات يتمثل في كون الإنسان عدو ما جهل، وضد ما لم يشهده ولم يستدع إليه أو يسهم فيه، فهذه زمرة منهم، كما أن هناك نوع آخر لا يعترف بالمبادرات ولا يسميها كذلك أصلا إلا إن استوت على ساقها وغمست جذورها في باطن الأرض، فهو في شك دائما، لا يخاطر معك، ولكن حينما يشم منها ريح الاستواء والنضج تجده يلحّ ويصر أن يكون في أول الصف، يقطف جهود من سبق دون أي وجه حق، كما أن هناك من لا يعلم بداية من نهاية، ولا اليمين من الشمال في غفلة وسبات عميقين، وكل هذه العيّنات ضرر ومفسدة.
قل ما شئت واكتب إن أردت، ولكن اعلم فقط أن من قذفته بهتانا، ومن سخرت من جهده تعاليا لن ينسيا لك ذلك وإن فعلت أنت، فاحذر يوما تلتحق فيه بالصف دون اعتراف بخطئك وزلتك، فحينها ستبقى صغيرا مهما ادّعيت، أو اشفق على حالك حينما تموت غما وغيظا بعدما ترى نجاح من سخرت منه لا تريد الاعتراف به، والحالة الأصعب أن تأخذك الحاجة صاغرا إليه فكيف يكون وجهك حينها؟!
مقالة منشورة في موقع: مزاب ميديا